يروى أن هناك مساحة فارغة بجانب قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لكي يستخدمها نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم بعد موته ، فهل هذا صحيح ؟
لم يثبت أن المسيح سيدفن في آخر الزمان في الحجرة النبوية
السؤال: 115840
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لم يَرِد في السنة النبوية ما يدلُّ على مكان دفن المسيح عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، وأما الحديث الذي يُروى في ذلك فضعيف جدا لا يثبت ، وهذا بيانه :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض ، فيتزوج ، ويولد له ، ويمكث خمسا وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر ) .
رواه ابن أبي الدنيا – كما عزاه إليه الذهبي في “ميزان الاعتدال” (2/562) – وابن الجوزي في “العلل المتناهية” (2/915) وفي “المنتظم” (1/126) ، وفي “الوفا” (2/714) أيضا : من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي .
قال ابن الجوزي : ” هذا حديث لا يصح ، والإفريقي ضعيف بمرة ” انتهى .
وأورده الذهبي في “ميزان الاعتدال” في سياق المناكير التي رواها هذا الراوي ، وقال : ” فهذه مناكير غير محتملة ” انتهى .
وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” برقم (6562) : ” منكر ” انتهى .
ووردت بعض الآثار في هذا الشأن عن علماء الصحابة ممن قرؤوا التوراة وعرفوا ما فيها :
1- قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه : ( مكتوب في التوراة صفة محمد ، وصفة عيسى بن مريم ، يدفن معه ) رواه البخاري في “التاريخ الكبير” (6/229) ، والترمذي في “السنن” (رقم/3617) ، والطبراني في “المعجم الكبير” (القطعة المفقودة ص/111) ، والآجري في كتاب “الشريعة” (3/1324) بألفاظ متقاربة ، ولكني اخترت اللفظ الذي عند الترمذي لتصريحه بنقل الكلام عن التوراة .
كلهم رووه من طريق عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عثمان بن الضحاك : قال أبو داود : ضعيف . انظر “تهذيب التهذيب” (7/124) . وفيه : محمد بن يوسف لم يوثقه أحد ، وإنما ذكره ابن حبان في “الثقات” انظر ترجمته في “تهذيب التهذيب” (9/534) لذلك قال البخاري رحمه الله بعد إخراجه الحديث في التاريخ الكبير في ترجمته : ” هذا لا يصح عندي ، ولا يتابع عليه ” انتهى .
وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” برقم (6962) : ” موقوف ضعيف ” انتهى .
2- عن سعيد بن المسيب قال : ( إن قبور الثلاثة في صُفَّة بيت عائشة ، وهناك موضع قبر يدفن فيه عيسى عليه السلام ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” من وجه ضعيف ” انتهى .
“فتح الباري” (7/66) .
كما ذكر ذلك بعض العلماء والمؤرخين :
قال الإمام القرطبي رحمه الله : ” ثم يقبض الله روح عيسى عليه السلام ويذوق الموت ، ويدفن إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة … ، وقد قيل إنه يدفن بالأرض المقدسة مدفن الأنبياء ” انتهى .
“التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة” (ص/1301) وذكر نحوه ابن عساكر وغيره .
والذي يتحصل مما سبق أنه لم يثبت في حوادث آخر الزمان دفن عيسى عليه السلام في الحجرة النبوية ، وما ورد في ذلك إنما هي آثار ضعيفة السند ، ومأخوذة عن غير الكتاب والسنة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب