عندنا في العمل بعض الزملاء يقولون لبعض : ” هذا فلان كاتب الوحي لفلان ” ؛ فهل هذا القول جائز ؟ وجزاكم الله عنا كل خير .
حكم قول بعض الناس : فلان كاتب الوحي لفلان .
السؤال: 143860
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كان للنبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة الأمناء يكتبون عنه الوحي ، وهم ما عرفوا باسم : “كتاب الوحي” كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .
وقول المسلم عن إنسان : ” هذا فلان كاتب الوحي لفلان ” فيه خطر عظيم ، إذ مفاده أن ما يمليه عليه ذلك الشخص إنما هو وحي من الله .
وكأنه يشبه ذلك الرجل بالنبي الذي يوحى إليه ، ويشبه صاحبه بالصحابي الذي يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا التشبيه خطر عظيم .
فإن كان قاصدا لذلك فهو كفر وردة عن دين الإسلام .
وإن قاله على سبيل اللهو واللعب ، فأقل أحواله التحريم إن لم يصل الأمر للكفر ؛ لما فيه من الاستهزاء والسخرية بالوحي والنبوة والصحابة .
وقد قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ).
قال الشيخ ابن عثيمين : ” جانب الربوبية ، والرسالة ، والوحي ، والدين ، جانب محترم ، لا يجوز لأحد أن يعبث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر ؛ لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه ، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع “. انتهى “مجموع الفتاوى والرسائل” (2/127) .
وليحذر المسلم من التندر بأي شيء من الأمور الشرعية سواء على سبيل السخرية أو اللهو واللعب ، أو حتى ضرب الأمثال ، وإطلاق التشبيهات المجازية . فإن في ذلك خطراً عظيماً .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ). رواه البخاري (6478) .
وفي لفظ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) ، رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988).
قال الحافظ : ” قَوْله ( لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ) أَيْ لَا يَتَأَمَّلُهَا بِخَاطِرِهِ ، وَلَا يَتَفَكَّر فِي عَاقِبَتهَا ، وَلَا يَظُنّ أَنَّهَا تُؤَثِّر شَيْئًا , وَهُوَ مِنْ نَحْو قَوْله تَعَالَى : ( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْد اللَّه عَظِيم ) “. انتهى ” فتح الباري” (11/311) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب