تريد أمي منى أن ألتحق بالمجال الطبي وأنا أريد الالتحاق بمجال التجارة والأعمال . ومع ذلك فهي غير راضية عن هذا القرار وبسبب عدم رضاها فربما لا يرزقني الله النجاح . فهل هذا صحيح ؟
أليس اختيار الكلية أمراً يخصني في الأساس؟ إلا أنني أجد ردها غير منطقي عندما أحدثها بأفضل طريقة وأحسن أسلوب فلا أجد منها إلا غضبا لا يستوعب . فهي تدعي أنه لن تقبل بي امرأة زوجا بسبب التحاقي بهذا المجال غير المربح ، وذلك وفقا لرأيها . فأخبرتها أن الله تعالى هو الرزاق وسأكون قادرا بمشيئة الله على دعم نفسي لأن الله هو الذي يقدر من سيكون الغنى ومن سيكون الفقير . ما رأى شيخنا الفاضل ؟
فهل حقا إن الله لن يساعدني على النجاح في حياتي لأن والدتي تفضل أن أكون طبيبا على أن أكون رجل أعمال؟
للأم حق عظيم على ولدها ، وهو مطالب ببرها والإحسان إليها كما أمر الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه ، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا ينبغي أن تسعى في إقناعها بمزايا التوجه الذي تميل إليه نفسك وترغب في تحقيقه وتشعر بأنك قادر على النجاح فيه .
وهنا أمر يغفل عنه بعض الآباء والأمهات ، فإنهم ينظرون إلى جمال التخصص أو المهنة ، ولا ينظرون إلى استعداد الابن لها ورغبته في النجاح فيها ، فقد لا يكون للابن رغبة في الطب مثلا ، ولا يشعر بحاجته إليه ، ولا بإمكانه التفوق فيه ، ومع ذلك يصر والداه على أن يدرس الطب ، وفي هذا قضاء على المواهب الحقيقية ، وإسهام في تخريج غير الأكفاء في تخصصهم .
ولا يلزم الابن طاعة والديه في اختيار تخصص الدراسة أو مجال العمل ، كما لا يلزمه أكل ما لا يشتهيه ، أو نكاح من لا يريد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقا ، كأكل ما لا يريد " انتهى من "الاختيارات" ص 304 .
فإذا لم يلزمه طاعتهما في أكلة لا يريدها مع أن مشقتها لا تتجاوز ساعة أو نحوها ، فأولى ألا يلزمه طاعتهما في دراسة تستغرق سنوات ، وينبني عليها العمل لسنوات أخر ، وهو غير راغب في ذلك .
لكن عليك بذل الوسع في إرضاء والدتك وتطييب خاطرها ، وإثبات تفوقك ونجاحك في مجال التجارة والأعمال .
ونسأل الله لك التوفيق والعون والسداد .
والله أعلم .