0 / 0

هل يجوز أن يقال : \” لاتنس الله فينساك \” ؟

السؤال: 153664

أريد معرفة هل قول ” لا تنس الله فينساك ” حرام أم حلال ؟ وأريد الشرح ، وشكراً لكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يأتي ” النسيان ” ويُراد به ” الذهول عن الشيء ” وهو هنا ضد التذكُّر ، ويأتي ويراد به ” الترك ” .
والنسيان بالمعنى الأول نقص ، لا يجوز أن يوصف الله تعالى به ، وأما المعنى الثاني وهو (الترك) فقد وصف الله تعالى به نفسه في عدة آيات من القرآن الكريم .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (34854 ) فلينظر .
والنسيان بالمعنى الثاني : إنما كان جزاء وفاقاً على ترك المنافقين والكفار لشرع الله تعالى ، فالمنافقون تركوا الالتزام في باطنهم بالشرع فتركهم الله في ظلمة الكفر وسيتركهم في ظلمةٍ عند الصراط .
قال تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/ 67 .
قال تعالى : ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة/ 17 .
والكفار تركوا الاستجابة لرسل الله تعالى فتركهم الله في ظلمة الجهل والكفر .
وكلا الفريقين سيتركهم في جهنم يوم القيامة خالدين فيها أبداً .
قال تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) السجدة/ 14 .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ . الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) الأعراف/ 50 ، 51 .
قال ابن كثير رحمه الله : ” وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا .
وقال مجاهد : نتركهم في النار .
وقال السُّدِّي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (3/425) .
وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر/ 19 .
قال القرطبي رحمه الله : ” ( نَسُوا اللَّهَ ) أي : تركوا أمره .
( فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) أن يعملوا لها خيراً ” انتهى من “تفسير القرطبي” ( 18 / 43 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
“فمن نسي الله تعالى : أنساه نفسه في الدنيا ، ونسيه في العذاب يوم القيامة ، قال تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) طه/ 124 – 126 ، أي : تُنسى في العذاب كما نسيت آياتي فلم تذكرها ولم تعمل بها” انتهى من “الوابل الصيب” ( ص 67 ) .
وروى مسلم ( 2968 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَيَلْقَى [الله تعالى] الْعَبْدَ فَيَقُولُ : أَي فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ : بَلَى ، قَالَ : فَيَقُولُ : أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، فَيَقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ) .
( أي فل ) معناه يا فلان .
( أسودك ) أي : أجعلك سيِّداً على غيرك .
( تربع ) أي : تركتك مستريحاً لا تحتاج إلى مشقة وتعب .
وعليه :
فقول القائل ” لا تنس الله فينساك ” : قول صحيح ، ووعيد شرعي ، ومعنى ” لا تنس الله ” أي : لا تترك حق الله ، ولا تترك ما أمرك الله تعالى به فـ ” ينساك ” أي : يتركك في غيِّك في الدنيا عقوبة على فعلك ، ويتركك في العذاب يوم القيامة ، فإن كانت معصية العبد دون الكفر المخرج من الملة : كان تركاً لأمَد ، وإن كانت معصيته كفراً مخرجاً عن الملة ومات عليه : كان تركاً للأبد .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android