0 / 0
38,14517/02/2011

وعدُ المؤجر للمستأجر بالإمهال قبل الإخلاء هل يُلزمه ؟ ومتى يضمن المستأجر ما تلف في العقار ؟

السؤال: 161932

لو أن مُسلِمَين اتفقا على شيء ما اتفاقاً لفظيّاً ، فهل يُعدُّ هذا الاتفاق مُلزماً ؟ فهناك شخصان مسلمان أجّر أحدهما بيتاً للآخر ، على أن يدفع المستأجر الإيجار وفواتير الماء والكهرباء والخدمات ..الخ ، وأن المالك إذا أراد من المستأجر أن يُخلي شقته فإن عليه أن يعطيه تنبيهاً قبل ذلك بثلاثة أشهر على الأقل ، ولكن تفاجأ المستأجر أن المالك أتاه فجأة وطلب منه أن يُخلي الشقة في ظرف أسابيع قليلة ( أيّ : مدة أقصر من الثلاثة الأشهر بكثير ) ، وسبب له الكثير من الحرج والضغط والارتباك ، فهل يجب على المستأجر في هذه الحالة أن يدفع فواتير الخدمات ؟ وماذا عن الأضرار التي لحقت بالشقة من جرّاء الاستخدام ، هل يجب عليَّ إصلاحها ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
تتم العقود وتترتب عليها آثارها الشرعية في حال اتفاق أطرافها على مقتضاها ، وسواء كان الاتفاق باللفظ – وهو الأكثر – أو بالكتابة فإن العقد يصير شرعيّاً ، وفي حال كان عقد بيع أو إجارة فإنه يكون مُلزماً للطرفين إذا تحقق الإيجاب والقبول بأي صيغة دلَّت عليهما .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 7 / 203 ) :
” يكون الإيجاب باللفظ ، وهو الأكثر ، ويكون بالإشارة المفهمة من الأبكم ونحوه في غير النكاح ، وقد يكون بالفعل كما في بيع المعاطاة ، وقد يكون بالكتابة ، ويكون الإيجاب بالرسالة أو الرسول ، إذ يعتبر مجلس تبليغ الرسالة أو الرسول ، وعلمه بما فيها ، هو مجلس الإيجاب ” انتهى .
وفي ( 32 / 304 ) : ” القبول قد يكون باللفظ كقول المشتري – بعد إيجاب البائع – قبلت ، أو رضيت ، وقد يكون بالفعل كما في البيع بالتعاطي ، وقد يعتبر السكوت قبولا دلالة … .
وقد يكون القبول بالإشارة ، فإن إشارة الأخرس المفهومة تقوم مقام نطقه ، وقد يكون بالكتابة ، فالكتابة بالقبول ينعقد بها التصرف لأنها قبول ” انتهى .
وانظر جوابي السؤالين ( 364 ) و (126855 ) .

وعليه : فالعقد الذي تمَّ لفظيّاً برضا الطرفين ملزم لهما ، ولا يحل لأحدهما أن يفسخ العقد من غير رضا الطرف الآخر .

ثانياً:
لم يظهر في السؤال ما إذا كان عقد الإيجار له مدَّة معلومة ؛ إذ هذا الأمر من شروط الإجارة الصحيحة ، فعلى فرض وجود مدة معينة متفق عليها بين المؤجر والمستأجر : فيكون من حق المستأجر أن يُلزم المؤجرَ بالعقد المتفق عليه بينهما ، وإذا أصرَّ صاحب العقار على إخلاء عقاره المأجور قبل تمام المدة المتفق عليها : فللمستأجر أن يطالب بمبلغ من المال قلَّ أو كثر مقابل تنازله عما تبقى له من المدة ، ولينظر جوابي السؤالين ( 364 ) و (105404 ) .

وإذا لم يكن هناك مدة ينتهي عندها العقد – كما هو الظاهر – : فإن اتفاقهما على أجرة معلومة كل شهر يجعل العقد بينهما لازماً قبل انتهاء الشهر وجائزاً مع بداية الشهر الذي يليه ، فإذا دخل اليوم الأول من الشهر الآخر فيصبح لازماً لهذا الشهر وعلى المستأجر بذل الأجرة المتفق عليها ولا يجوز للمؤجر إخراجه فيه ، وإذا طلب منه إخلاء المأجور وأبدى عدم رغبته بسكناه شهراً جديداً : كان ذلك له ، ووجب على المستأجر إخلاء المأجور ، وهو قول الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
” وإذا آجر الأرض أو الرباع كالدور والحوانيت والفنادق وغيرها إجارة كانت لازمة من الطرفين : لا تكون لازمة من أحد الطرفين جائزة من الطرف الآخر ؛ بل إما أن تكون لازمة منهما أو تكون جائزة غير لازمة منهما عند كثير من العلماء ، كما لو استكراه كل يوم بدرهم ولم يوقت أجلا فهذه الإجارة جائزة غير لازمة في أحد قولي العلماء ، فكلما سكن يوما لزمته أجرته وله أن يسكن اليوم الثاني وللمؤجر أن يمنعه سكنى اليوم الثاني ، وكذلك إذا كان أجل الشهر بكذا أو كل سنة بكذا ولم يؤجلا أجلاً ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 30 / 217 ) .
وفي كلا الحالين – سواء كان العقد له مدة معينة أو كان على الصورة الأخرى – فإنه لا يجوز للمؤْجر أن يطالب المستأجر بإخلاء العقار إن كان اشترط على نفسه أن يعطيه مهلة ثلاثة شهور قبل تلك المطالبة ، والشروط المباحة لازمة لمن اشترطها على نفسه ويجب الوفاء بها ، وتكون تلك الشهور الثلاثة مهلة إضافية على مدة العقد ، وبنفس الشروط التي مضى عليها العقد ، من الأجرة ونحوها .
وإذا لم يكن إعطاء تلك المهلة مما اشترطه المُؤْجر على نفسه ، لكنه وعد به المستأجر : فإنه يجب عليه الوفاء بوعده ولا يحل له إخلاف الوعد من غير عذرٍ قاهر ؛ إذ ليس هذا من أخلاق المؤمنين ، كما أن الإخلاف بهذا الوعد يترتب عليه ضرر على المستأجر ، فصار الوعد مُلزماً للمؤجر ديانة .

ثالثاً:
لا خلاف بين الفقهاء أن يد المستأجر يد أمانة ، وأنه لا يضمن ما أُتلف من العقار المستأجر إلا في حال تعديه أو تفريطه ، والتعدي هنا : أن يخالف المأذون له في العقار – شرعاً أو عادةً أو عرفاً – إلى ما هو أشد ، والتفريط هنا : هو التقصير في الصيانة والحفظ .
وفي ” الموسوعة الفقهية “: ( 13 / 277 ) :
” اتفق الفقهاء على أن العين المؤجرة أمانة في يد المستأجر ، فإن تلفت أو ضاعت بغير تعد منه ولا تفريط : فلا ضمان عليه ، أما إذا تعدى أو فرط في المحافظة عليها : فإنه يكون ضامناً لما يلحق العين من تلف أو نقصان ، وكذلك الحكم إذا تجاوز في الانتفاع بها حقه فيه فتلفت عند ذلك ” انتهى . وينظر : ( 1 / 270 ) .

وأما فواتير الخدمات في المدة التي سكنتها فهي لازمة لك من غير شك ، لأنك المنتفع بها ، ولا يجوز أن يتحملها صاحب المنزل ، وأما إذا كانت قد بقيت في العقد مدة لم تسكنها ، فمن الواضح أيضا أنك لن تدفعها عن شيء لم تنتفع به .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android