0 / 0
47,74306/03/2011

سؤال عن دعاء اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا اليك

السؤال: 162461

إن مما تعلمته من المشايخ الفضلاء والعلماء الأجلاء أن للدعاء صيغاً مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم , ومنها صيغ لا تصح مطلقا عنه صلى الله عليه وسلم , وأن الدعاء يجوز بمخاطبة الله تعالى مباشرة دون إشراكه عز وجل بالطلب !
السؤال عن صيغة الدعاء : ” اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك , ولا تقطعنا بالأغيار عنك ” ويضيف بعضهم فيقول : إذ الفضل منك وإليك “.
وسؤالي هذا هو من ملاحظتي أثناء الصلاة خلف الأئمة الصوفية المبتدعة أنهم يرددونه عند قنوتهم أثناء صلاه الفجر , وأما أئمة أهل السنة والجماعة الذين نحسبهم على خير ولا نزكيهم على الله فلا يقولونه ، ولم أسمعه منهم مطلقا ، خصوصا بعد إقامتي في ألمانيا لمدة تزيد عن عشرة أشهر ؟ وجزاكم الله كل الخير .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الدعاء بقول الداعي : ” اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك ، ولا تقطعنا بالأغيار عنك ، إذ الفضل منك وإليك ” لم يرد في كتب السنة والآثار ، ولم نقف عليه في كتب العلماء ، وإنما اشتهر في الأزمنة المتأخرة .
ومع ذلك نقول : إن الدعاء المطلق – وهو الذي لم يرد فيه توقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم – لا يجب فيه التقيد بالثابت في الأحاديث والآثار ، بل يجوز فيه التوسع بسؤال الحاجات وبلوغ المقامات القريبة من الله سبحانه ، بدليل إطلاق الأمر بالدعاء في مثل قوله تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر/60.
وقد سبق تقرير هذه المسألة في موقعنا في الجواب رقم : (102600)

وأما الصيغة الواردة في السؤال فلم نجد فيها محذورا شرعيي حتى نقول بمنع الدعاء بها ، بل المعاني التي تشتمل عليها معان حسنة طيبة ، فيها اعتراف بالفقر إلى الله ، والحاجة إلى قربه وصلته وفضله ومعونته كي نتقرب إليه سبحانه ، فعبادتنا وطاعتنا إنما ننشئها برحمة الله ، فيمن عز وجل بسببها علينا بالمنزلة الرفيعة .
فقول الداعي : ( يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك ) نداء لله عز وجل بواحد من صفاته وأفعاله ، فهو سبحانه يصل بفضله وعطائه ، ورحمته التي سبقت غضبه : من انقطع في طريقه إلى ربه بشيء من المعاصي ، أو التقصير والتفريط ، فيجبر كسره ، ويستر عيبه ، ويغفر ذنبه ، وفي هذا إشارة إلى الافتقار إلى رحمة الله ، وأن العبد لا يستحق شيئا على ربه ، لأنه ـ بعمله ـ منقطع ، إلا أن يصله الله .
فيكون معنى ( أوصِلنا إليك ) يعني : قربنا إليك بالإنعام علينا بالعبودية الحقة الخالصة لوجهك الكريم ، وقربنا إليك بنيل رضوانك ومحبتك ومغفرتك .
قال الإمام النووي رحمه الله :
” صلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ، ورحمته إياهم ، وعطفه بإحسانه ونعمه ، أو صلتهم بأهل ملكوته الأعلى ، وشرح صدورهم لمعرفته وطاعته ” انتهى من ” شرح مسلم ” (16/112-113)
وأما قوله : ( ولا تقطعنا بالأغيار عنك ) فالمقصود بـ ” الأغيار ” كل ما سوى الله عز وجل من المخلوقات العاجزة ، وهكذا ينبغي أن يكون هم الساعي إلى مقام الإحسان ، أن ينشغل القلب بالله عن كل ما سواه ، ولا يكون عبدا إلا لمولاه عز وجل ، أما إذا انشغلت القلوب بالدنيا فلن يكتمل فيها حب الله تعالى ، إذ هما ضدان لا يجتمعان : حب الدنيا ، والعبودية الخالصة لله سبحانه .
قال ابن القيم رحمه الله :
” القلوب إذا فسدت فِطَرُها بالأغيار لم تصلح لحظيرة القدس ” انتهى من ” طريق الهجرتين وباب السعادتين ” (ص/144)

فالحاصل أنه لا حرج على من دعا بهذه الكلمات ، لكن لا تتخذ وردا دائما ، ودعاء رابتا في الصلوات وغيرها ، كما هو شأن الثابت من الأدعية والأذكار .
ونشكر لك غيرتك على السنة ، ولكن لا نرى التمييز بين أهل السنة وغيرهم بمثل هذه الأمور الاجتهادية المحتملة ، فقد يكون ذلك سببا للغفلة عن الفوارق الحقيقية الكبيرة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android