تمكن علماء بريطانيون من تطوير فحص طبي للحامض النووي يستطيع التنبؤ بالعمر البيولوجي للإنسان ، ومن ثم توقع موعد موته ! وقال العلماء : إن الفحص يشكل مدخلاً طبيّاً لمعرفة الأمراض الوراثية التي قد يصاب بها المرء ، سواء القلب أو الزهايمر أو حتى السرطان ، لي صديق حصل على هذا الجهاز وهو يستخدمه .
السؤال هل يجوز استخدام هذا الجهاز ؟ .
حكم شراء واستخدام جهاز فحص الحامض النووي لمعرفة وقت الوفاة ؟!
السؤال: 171247
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
قطع الله تعالى الطريق الموصلة للغيب المستقبل إلا أن يُخبر به هو من يشاء من عباده ، وكل من ادّعى أنه يعلم الغيب المستقبل الذي اختص الله تعالى بعلمه فهو كاذب مفترٍ كافر ، قال تعالى ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ ) الأنعام/ 59 .
فلفظة “عند ” تدل على الاختصاص ، يعني عنده لا عند غيره ، وقد حصر الله تعالى علم ذلك الغيب به وحده عز وجل فقال ( لاَ يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ ) فجاء بأداة الاستثناء ” إلا ” بعد النفي ، وهو يدل على الحصر .
وقد سمَّى الله تعالى من الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا هو أشياء خمسة ، وقد ذكرها تعالى في آخر سورة ” لقمان ” ، ونصَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلاً لقول جبريل عليه السلام.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ ، لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْحَامِ ، وَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ .
رواه البخاري ( 992 ) .
وفي حديث جبريل المشهور فيه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم ( فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ) ثُمَّ تَلَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
رواه البخاري ( 50 ) مسلم ( 9 ) من حديث أبي هريرة .
وأحد تلك الأشياء الخمسة كما هو واضح بيِّن العلم بساعة موت الإنسان ، فلا تدري أي نفس متى تموت وفي أي أرض تفارق روحه بدنَه ، فمن ادعى معرفة ذلك ولو بالاستدلال بأمارات وعلامات فهو مفتر كذاب .
قال القرطبي – رحمه الله – : ” فمن قال : إنه يَنزل الغيثُ غداً وجزم : فهو كافر ، أخبر عنه بأمارة ادَّعاها أم لا ، وكذلك مَن قال : إنه يعلم ما في الرحم : فهو كافر ؛ فإن لم يجزم وقال : إن النوء يُنزلُ الله به الماء عادة ، وأنه سبب الماء عادة ، وأنه سبب الماء على ما قدَّره وسبق في علمه : لم يكفر ؛ إلا أنه يستحب له ألا يتكلم به ، فإن فيه تشبيهاً بكلمة أهل الكفر ، وجهلاً بلطيف حكمته ” انتهى من ” تفسير القرطبي ” ( 7 / 2 ) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – معلِّقاً على كلام القرطبي – : ” ووجه تكفير بعض أهل العلم لمن يدعي الاطلاع على الغيب : أنه ادَّعى لنفسه ما استأثر الله تعالى به دون خلقه ، وكذَّب القرآن الوارد بذلك كقوله ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) النمل/ 65 ، وقوله هنا ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) الأنعام/ 59 ، ونحو ذلك ” انتهى من ” أضواء البيان ” ( 1 / 484 ) .
وبما سبق يتبين تحريم شراء هذا الجهاز ، أو بيعه ، أو استعماله في هذا الغرض المذكور : معرفة وقت وفاة الإنسان صاحب التحليل . وإن كان يجوز استعماله في غير ذلك من الأمور الطبية التي مردها إلى البحث والتجربة .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب