0 / 0

ما الذي ينبغي على الزوج تجاه زوجته في فترة حملها ؟

السؤال: 185145

أعلم أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة ، لكن ما هي مسؤولية الزوج وحقوق الزوجة عليه في فترة حملها وتعبها أثناء الحمل ؟ ، هل بيّن الإسلام مسؤولية للزوج عندما تكون زوجته حاملا وتعاني من آلام ومشاكل عاطفية وجسدية في هذه الفترة ؟ . لقد بحثت في موقعكم هذا لأجد جوابا على سؤالي فلم أجد أي سؤال متعلق بمسؤولية الزوج أثناء معاناة زوجته من مشاكل أثناء الحمل ، وتقلباتها العاطفية ، وعدم قدرتها على النوم أو الأكل . لقد نصحني الأطباء بعدم الإجهاد ، أو التعب ، أو القيام بأعباء المنزل التي تتطلب جهدًا ، ومن ثم تكون خطيرة علي ، هل يفرض الإسلام على الزوجة أن تقوم بأعباء البيت رغم تعبها وحملها ، أم إن الإسلام يخفف عنها ؟ وهل يفرض عليها إعداد الطعام وغير ذلك من مسؤوليات البيت أم أنه يرخص لها في عدم القيام بذلك ؟ وهل لو لم أقدر على طهي الطعام ، هل لي أن أذهب إلى منزل والدتي فآكل معها ؟ حيث إني لا أقدر على طهي الطعام بعد عودتي مرهقة من العمل .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

سبق في موقعنا في الفتوى رقم : (119740) بيان وجوب خدمة الزوجة لزوجها ، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال عدم مراعاة أحوال الزوجة وظروفها ، وبيان ذلك من أوجه عدة :
أولا :
الحمل مظنة الجهد والضعف ، وقد جاء وصف ذلك في القرآن الكريم في قوله سبحانه : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ) لقمان/14، قال مجاهد : جهدا على جهد ، وقال عطاء : ضعفا على ضعف . كما في ” تفسير القرآن العظيم ” (6/336) .
ومن المعلوم أن تكاليف الشريعة كلها مقيدة بحد القدرة والاستطاعة ، فقد قال الله عز وجل : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286، وإذا كانت الخدمة تكليفا شرعيا ، فهي مقيدة أيضا بحد القدرة والاستطاعة ، فلا يحل للزوج تكليف زوجته ما لا تطيق من الجمع بين أعباء الحياة ، والعمل خارج المنزل ، والحمل بالأبناء ، وإذا كان الحمل عذرا لسقوط بعض الفرائض المجمع عليها كالصيام ، فمن باب أولى أن يكون عذرا يوجب على الزوج مراعاة زوجته والشفقة عليها في أمور الخدمة وإصلاح البيت .
ثانيا :
إذا كانت القاعدة الشرعية المتفق عليها تقرر أن ” المشقة تجلب التيسير “، وقد جاءت شواهد الشريعة في التأكيد عليها ، فلا بد أيضا أن تقيد خدمة الزوجة لزوجها بما إذا كانت لا تؤدي بها إلى مشقة خارجة عن المعتاد ، أو مشقة مجهدة ، والله عز وجل لا يرضى أن تؤدي التكاليف بالناس إلى العسر والعنت ، فقال سبحانه وتعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185، وقال عز وجل : ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) النساء/28، وقال جل وعلا : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالرقيق ، والخدم والمماليك ، ونهى أن يكلفهم مالكوهم شيئا يشق عليهم ، إلا وأعانوهم عليه :
( إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ) رواه البخاري (2545) ومسلم (1661) ؛ فكيف يكون الحال إذاً بامرأة الرجل وزوجته وصاحبته ؟!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ : الْيَتِيمِ ، وَالْمَرْأَةِ ) رواه أحمد في ” المسند ” (15/416) طبعة مؤسسة الرسالة ، وقال المحققون : إسناده قوي .
ثالثا :
وصيتنا للزوجة في آخر الجواب أن تحرص قدر المستطاع على منزلها ، وراحة جميع من فيه ، وأن تبذل جهدها في توفير السكينة والطمأنينة وجميع ما يحتاجه ، ولتسأل الله تعالى أن يعينها على ذلك ، ونحن نرجو الله تعالى أن يكرمها بإحسان الزوج إليها وإعانته لها إن هي أخلصت عملها لوجه الله ، ولم تقصد تقصيرا ولا إهمالا .
ولا نرى لك أن تذهبي إلى بيت والدتك ، لتأكلي فيه ، وتتركي زوجك ؛ بل ينبغي عليك أن تشاركيه شأنه ؛ فإن وجدت خفة ونشاطا وقوة ، فقومي له بخدمته ، وقضاء شأنه ؛ فكل النساء يحملن كما تحملين ؛ أفترين النساء يتركن بيوتهن ، ويدعن أزواجهن ؟!!
إننا إذا كنا نعذرك بما أنت فيه ، ونذكر زوجك بحقك ، فلا ينبغي أن تجعلي ذلك حجة لك في ترك ما تقدرين عليه من خدمته ، ورعاية شأنه .
وقد فهمنا أنك تعملين خارج البيت في فترة حملك ، ولا شك أن خدمة زوجك ورعاية بيتك مقدمة على ذلك ؛ فإذا لم يمكنك الجمع بين عملك وخدمة بيتك ؛ فخذي إجازة من عملك ، وتفرغي لبيتك وزجك في هذه الفترة .
وإذا لم يكن ذلك متاحا ، لظروف تخصك أنت ، فاستأجري من يساعدك على عمل بيتك ، وتحملي من راتبك أجرة من يعينك على ذلك .
نسأل الله أن يصلح لك شأنك ، ويعينك على الإحسان إلى زوجك ، وأن يصلح بينكما ، ويجمع بينكما في خير .
وللمزيد ، يرجى النظر في الفتاوى الآتية : (69960) ، (101405)، (153554)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android