0 / 0
19,92510/03/2013

تريد تأجيل لبس النقاب إلى ما بعد الزواج

السؤال: 192974

أنا مخطوبة لشاب ملتزم ، مصر علي أني ألبس النقاب بعد كتب الكتاب ، أنا مقتنعة جدا بالنقاب وإن كان ليس فرضا فهو أفضل ، ولست في غنى عن فضله ، ولكن أريد أن ألبسه بإرادتي وليس رغما عني ، لذلك طلبت تأجيله سنة واحدة بعد الزواج أو أقل ، وسألبسه بإذن الله ، فهل يجوز لي أن أشترط على زوجي هذا وعليه الوفاء به ؟ ، وهل يجوز له أن يوافق على ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نصيحتنا الشرعية لمثل حالك أن تتخذي قرارك في نفسك بعيدا عن جميع حسابات علاقتك بخطيبك وحوارك معه حول النقاب ، فتصارحين نفسك في سبب تأخرك رغم أنك ذكرت في سؤالك ” أنك مقتنعة ” به ، وتعلمين أنه الأتقى والأفضل عند الله سبحانه وتعالى ، فيبقى التساؤل في سبب التأخر .
قد يكون الرغبة في التأني أكثر حتى لا تتعجلي في تحمل بعض تبعات لبس النقاب في بلادكم ، فهذا من تخويف الشيطان وتسويله ، فالبلاد الإسلامية – والحمد لله – بلاد خير وفضل ، وقد أصبحت اليوم فضاء رحبا من الحريات التي تنفس الناس منها نسائم العزة والكرامة والعبودية لله سبحانه وتعالى ، فلن يكون النقاب سببا للأذى أو التعرض بالمساءلة القانونية بعد اليوم بإذن الله ، كما لن يكون عائقا لك عن الاستمرار في حياتك الاجتماعية أو التعليمية أو العملية ، والفتاة الناجحة هي التي تكون مصدر خير وسعادة وإصلاح في جميع من حولها ، وكلها وظائف عظيمة ومهمات جليلة تحتاج همة عالية وصبرا دؤوبا وعقلا راجحا ، ولا تحتاج كشفا للوجه أو تساهلا في اللباس الشرعي .
أما إذا كان سبب التأخير هو ترقب انبعاث النية الصادقة في القلب فهذا دليل خير وصلاح بإذن الله ، فالمؤمن دائما يرجو بعمله وجه الله تعالى ، ويحتسب الثواب عنده عز وجل ، ويحرص على إخلاص النية واستحضار ما عند الله في كل حركاته وسكناته ، ولكنه في الوقت نفسه إن ترك العمل الصالح خشية أن لا تكون له فيه نية خالصة فقد خاب وخسر ؛ لِمَا فوت على نفسه من الفضل والأجر ، خاصة حين يعلم أن تحقيق النية الخالصة لله تعالى بعد بدء العمل ، والتوبة من أي شوائب سبقت ، كل ذلك كاف في تحصيل الثواب كاملا عند الله سبحانه ، وتكفير ما سبق من مكدرات الإخلاص .
وقد قال الفضيل بن عياض رحمه الله :
” تَرْكُ العمل لأجل الناس رياء ” انتهى من ” الأذكار ” (ص/9) .
ويقول أبو حامد الغزالي رحمه الله :
” ما دمتَ تجد باعثا دينيا على العمل فلا تترك العمل ، وجاهد خاطر الرياء ، وألزِمْ قلبك الحياء من الله إذا دعتك نفسك إلى أن تستبدل بحمده حمد المخلوقين ، وهو مطَّلع على قلبك ، ولو اطلع الخلق على قلبك وأنك تريد حمدهم لَمَقَتوك ، بل إن قدرت على أن تزيد في العمل حياء من ربك وعقوبة لنفسك فافعل ، فإن قال لك الشيطان : أنت مُراءٍ . فاعلم كذبَه وخداعه بما تصادف في قلبك مِن كراهة الرياء وإبائه ، وخوفك منه ، وحيائك من الله تعالى ” .
انتهى من ” إحياء علوم الدين ” (3/ 323) .
كما جاء في ” فتاوى الإمام السبكي ” رحمه الله (1/166) مبحث مفيد جدا في فهم هذه الأحوال القلبية ، فكان مما جاء فيه : ” العمل بلا إخلاص خير من ترك العمل والإخلاص ، ومن الأدلة في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم : ( أسلمت على ما سلف لك من خير ) على أحد التأويلين فيه ، وهو التعليل ، أي لأجل ما سلف لك من خير ؛ لقوله تعالى : ( على ما هداكم ) [البقرة: 185] فإذا كانت تلك الأعمال لما فيها من النفع ، نفعت صاحبها مع الكفر حتى أنقذته منه إلى الإسلام ، فما ظنك بأعمال صالحة مع الإسلام ، خالطها شوب يضمحل بعد حين ؛ وهذا كله في المبتدئ . أما المنتهي أو المتوسط فلا يحتاج إلى ذلك ، ولا يقع له إن شاء الله ، لأن له من القوة بالله ما يدفع عن قلبه .
وإنما المبتدئ ضعيف ، إن منعناه عن العمل حتى يُخلِصَ قلَّ السالكون ، وانقطعت الطريق ، وبقيت قلوب أكثر الخلق على كدرها ، واستولت الشياطين عليها ، فليفتح لهم باب يدخلون فيه إلى الخير ، والله رفيقهم ومعينهم ليحق الحق ويبطل الباطل ، ويصفي السرائر ، ويظهر ما أكمنه في تلك المعادن ، ويخرج الخبيث وينصع الطيب ويتوكل على العزيز الرحيم “
وهكذا نقول لكِ أيضا ، السعيد من يستغل الفرصة ويسير مع همته التي أكرمه الله بانبعاثها في قلبه ، فمن وجد في قلبه همة اليوم للإنفاق والصدقات فلا يؤجلها إلى الغد ، ولا يستمع إلى تسويل الشيطان بالتأجيل متذرعا بالبحث عن من هو في حاجة أشد ، فالقلب متقلب ، والنفس تقوى وتضعف ، والعزائم إن لم تتبعها أو تعقبها الأعمال الصادقة فترت وكلَّت ، وفاتت فرصة الفوز على صاحبها إلى أن يأذن الله عز وجل بانبعاثها من جديد ، ويدرأ عنه المثبطات التي قد تكون غدا أقوى منها اليوم ، وبهذا نعلم أن تأجيل الخير وتسويفه طريق خسار في جميع الأحوال .
أما من حيث الحكم الشرعي فقد سبق في موقعنا ترجيح القول بوجوب تغطية الوجه في أصح قولي العلماء ، وذلك في الفتاوى رقم : (21134) ، (21536) ، (100719) ولهذا فرأينا أن اشتراط تأجيل القيام بالواجب شرط باطل ، لا يجوز اشتراطه ولا الوفاء به ، أما إذا كانت السائلة تقلد من يقول من العلماء باستحباب النقاب وعدم وجوبه ، فلتتوجه بسؤالها إليهم ، ولا تتنقل بين الفتاوى فيضطرب عليها شأنها .
وقد سبق في موقعنا معالجة نحو هذه القضايا في الفتوى رقم: (20910) ، (49707) ، (104545) ، (117894) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android