0 / 0
25,83207/11/2014

حكم كتابة الأماني في بالون وإطلاقه

السؤال: 199913

انتشر مؤخرا كتابة أمنية ووضعها في بالون ، ثم إطلاق البالون ، ومثلها كتابة الأمنية في زجاجة وإلقاؤها في البحر ؛ فهل هذا العمل يجوز ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا تأمل العاقل المنصف في تفسير ظاهرة إطلاق ” البالونات ” أو ” الزجاجات ” أو ” الشموع ” ، طمعا أو تفاؤلا في تحقيق الأمنيات ، آلمه حال الناس ، وكيف يبلغ الأمر بالمسلم الذي يسمع قول الله عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186 وقول الله سبحانه : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر/60، ولكنه يستبدل الطقوس الجاهلية بتلك الأبواب الإلهية لتحقيق الرغبات ، وسؤال الحاجات !!
ولا نظن أن قارئا يقرأ ما ورد في السؤال ، إلا ويعود إلى نفسه بالحمد والشكر لله عز وجل ، أن هدانا للإسلام وجعلنا مسلمين ، وخلصنا بذلك من أوهام البشر وخرافات النفوس التي يبلغ بها الشطط كل مبلغ ، إلى أن يعتقد في إطلاق ” البالون ” أو ” الزجاجات المضيئة البحرية ” أو إلقاء بضعة دنانير في نافورة ماء – كما في بعض البلاد الأوروبية – تحقيقا لأمنياته ، وتقريبا لرغباته ، رغم أننا نعيش في عصور العلم والحداثة والحضارة ، ولكنها آفة العقل العليل ، الذي لا يمتلئ بالفكر الصحيح ، والمعتقد السليم ، فلا بد أن تملأه حينئذ الجهالة والخرافة .
نحن لا ننكر أن بعض المسلمين يمكن أن يمارس مثل هذه الطقوس مع استحضاره دعاء الله عز وجل ، وسؤاله القبول والإجابة ، أو من غير اعتقاد في شيء أصلا ، إنما هي “موضة” من “الموضات” ، وبدعة من البدع ، وما أكثرها في الناس !!
ولكن أترى أن شريعة الإسلام مفتوحة الحدود ، مهدمة البنيان إلى القدر الذي تتقبل فيه تغيير أركان العبادات ، وتشويه صفات أنواع التقربات لله عز وجل ، وإحداث طرق جديدة للاتصال مع الله سبحانه وتعالى !
ألا ترى أننا بذلك نقترب من عادات الجاهلية الذين كانوا يتطيرون ويستقسمون بالأزلام ، وقد حرم الله عز وجل ذلك في كتابه الكريم ، فقال جل وعلا : ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) المائدة/3.
يقول ابن كثير رحمه الله :
” أي : حرم عليكم أيها المؤمنون الاستقسام بالأزلام ، وقد كانت العرب في جاهليتها يتعاطون ذلك ، وهي عبارة عن قداح ثلاثة ، على أحدها مكتوب : ” أفعل ” ، وعلى الآخر : ” لا تفعل ” والثالث غفل ليس عليه شيء ، فإذا أجالها فطلع السهم الآمر فعله ، أو الناهي تركه ، وإن طلع الفارغ أعاد الاستقسام ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (3/ 24) .
نعم ، قد لا يكون البالون أو زجاجة البحر سببا في اتخاذ القرار – كما هو الحال في الاستقسام بالأزلام عند أهل الجاهلية -، غير أن فيه شبها من جهة الاعتقاد أن لمثل ذلك تأثيرا في وقوع الأماني التي يتمناها ، وربما لم يقف الأمر عند حد “الاعتقاد” ، أو “الظن” ، حتى تطور الأمر بصاحبه إلى ترجمة عملية لاعتقاده ، فتراه يستعين بهذه البدع والخرافات في طلب الحاجات ، وقسم الأرزاق ، أو معرفة ما يقسم الله عز وجل لعباده !!
قال العلامة السعدي رحمه الله : ” معنى الاستقسام : طلب ما يقسم لكم ويقدر ، بها ” .
انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن ” (219) .
ألا ترى أن قبول مثل تلك الممارسات في بلاد المسلمين يجر إليهم أبوابا من التقليد الأعمى ، والتبعية المطلقة لعابدي الأوثان والنيران والصلبان ؟!
إنها صورة جديدة من صور التبعية التي نعيشها اليوم ، وأقبح ما فيها أنها تتعلق بعبادة من أرقى العبادات وأنقاها وأرقها ، وأحبها إلى قلوب الصالحين الأتقياء ، وهي عبادة ” الدعاء “.
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم (1718).
يقول الإمام النووي رحمه الله : ” قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود ، ومعناه : فهو باطل غير معتد به ، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات ، وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به ” .
انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (12/16) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android