0 / 0

هل وجود بيت العنكبوت في المنزل سبب من أسباب حصول الفقر ؟

السؤال: 227100

هل وجود بيوت العنكبوت في المنزل سبب للفقر ؟ وما هي الأشياء التي ورد الدليل الصحيح فيها بأنها سبب يقود إلى الفقر ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
القول بأن وجود بيوت العنكبوت في المنزل سبب لحصول الفقر ، قول باطل لا أصل له ، وهو من الخرافات التي يتناقلها العوام وتروج عليهم .

وغاية ما ورد في ذلك ما رواه الثعلبي في ” تفسيره ” (7/280) من طريق عبد الله بن ميمون القداح ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي يقول : قال علي بن أبي طالب : ” طهّروا بيوتكم من نسيج العنكبوت ، فإنّ تركه في البيوت يورث الفقر ” .
وهذا إسناد واه جدا ، عبد الله بن ميمون القداح متروك متهم بالكذب ، قال البخاري : ذاهب الحديث . وقال أبو زرعة : واهي الحديث . وقال الترمذي : منكر الحديث .
” تهذيب التهذيب ” (6 /44-45) .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (97221) .

ثانيا :
أسباب حصول الفقر كثيرة متعددة ، نذكر منها :
– فعل المعصية وعدم تقوى الله ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/ 2 ، 3 .

قال ابن القيم رحمه الله :
” كَمَا أَنَّ تَقْوَى اللَّهِ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ ، فَتَرْكُ التَّقْوَى مَجْلَبَةٌ لِلْفَقْرِ ، فَمَا اسْتُجْلِبَ رِزْقُ اللَّهِ بِمِثْلِ تَرْكِ الْمَعَاصِي ” انتهى من ” الجواب الكافي ” (ص 52) .

وقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : ” إنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ” ، ويروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن إسناده ضعيف ، انظر : ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” للألباني (154) .

– ترك التوكل على الله ، روى الترمذي (2344) وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي ” .

قال ابن رجب رحمه الله :
” حديث عمر هذا يدلُّ على أنَّ النَّاس إنَّما يُؤتون مِنْ قلَّة تحقيق التوكُّل ، ووقوفهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم ومساكنتهم لها ، فلذلك يُتعبون أنفسَهم في الأسباب ، ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد ، ولا يأتيهم إلاّ ما قُدِّر لهم ، فلو حَقَّقوا التوكُّلَ على الله بقلوبهم ؛ لساقَ الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سببٍ ، كما يسوقُ إلى الطَّير أرزاقها بمجرَّدِ الغدوِّ والرواح ، وهو نوعٌ من الطَّلب والسَّعي ، لكنه سعيٌ يسيرٌ ” انتهى من ” جامع العلوم والحكم ” (2/321) .

– عدم الأخذ بالأسباب ، فقد جعل الله لكل شيء سببا ، وجعل العمل سببا للرزق ، فمن جلس وترك العمل ، فقد ترك سبب تحصيل الرزق ، فيتعرض بذلك للحاجة والفقر .

ثالثا :
يحسن أن نشير إلى بعض الأسباب المشروعة لزيادة الرزق ، فمن ذلك :
– الاستغفار ؛ قال تعالى: ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10- 12
– ومنها : صلة الرحم ؛ لما روى البخاري (2067) ، ومسلم (2557) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) .
– ومنها : كثرة الصدقة ؛ فقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ/ 39 ، وروى مسلم (2588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ) .
– ومنها : تقوى الله عز وجل ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2 ، 3 .
– ومنها : الإكثارُ من الحجِ والعمرة والمتابعةُ بينهما ؛ لما روى الترمذي (810) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) ، وصححه الألباني .
– ومنها الدعاء ؛ لما روى ابن ماجة (925) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا ) ،
صححه الألباني في ” صحيح سنن ابن ماجة ” .
ثم هناك بعد كل ذلك : تقدير الله تعالى ومشيئته المطلقة ، فقد يشاء أن يوسع الرزق على بعض عباده ويضيق على آخرين لحكم كثيرة .
قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) سبأ/36 .
وقال تعالى : ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) الزخرف/32 .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android