0 / 0
34,39224/01/2015

هل يعيد الدعاء إذا انشغل ذهنه ولم يستحضر ما قاله وقت الدعاء؟

السؤال: 227324

لا يستجيب الله تعالى لمن يدعوه وهو غائب الذهن ، فهل يجب على من دعا الله وهو غير مستحضر لما دعاه أن يعيد الدعاء مستحضراً في قلبه ما يريد أن يدعو الله به ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من آداب الدعاء ، وأسباب الإجابة : أن يقبل العبد على ربه في دعائه ، ويخلص له النية ، ويصدق في طلبه من الله ، وأقل ما يكون من صدق ذلك الطلب : أن يكون واعيا لدعائه ، عالما بمعناه ، قاصدا لطلبه من رب العالمين .
قال ابن رجب رحمه الله : ” وَمِنْ أَعْظَمِ شَرَائِطِهِ: حُضُورُ الْقَلْبِ، وَرَجَاءُ الْإِجَابَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى” انتهى من “جامع العلوم والحكم” (2/403) .
وورد الوعيد فيمن يدعو ، وقلبه غافل ، معرض عن ربه ، لاه عن الطلب منه : أنه قمن ألا يستجاب له :
فروى الترمذي (3479) ، والحاكم (1817) وغيرهما ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ) .
وهذا الحديث مداره على صالح المُرِّي ، أحد الزهاد ، إلا أنه ضعيف في الحديث .
قال البزار في مسنده (17/307) : ” وَهَذَا الحديثُ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ أَبُو هُرَيْرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بهذا الإِسْنَاد , ولاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عن هشام إلا صالح المري وكان أحد العباد , فكانت تشغله عبادته عندنا عن حفظ الحديث ” انتهى .
ولهذا : ضعفه الترمذي عقب روايته له ، فقال : “ح ديث غريب ” .
وقال الذهبي : ” فيه صالح المري ، وهو متروك ” انتهى .
وحسنه بعض أهل العلم لشواهده . ينظر: “السلسلة الصحيحة” (594) ، “مختصر تلخيص الذهبي” لابن الملقن ، حاشية المحققين (1/371) .
وأما أن العبد مطالب بإجابة الدعاء ، إذا دعاه وهو غافل : فنعم ؛ بل هذا من آداب الدعاء مطلقا : أن يلح العبد على ربه في دعائه ، ويكرره إليه ، ويتضرع بين يديه ، ويديم المسألة ، لا ينقطع عنها ، حتى يرى من ربه القبول .
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : ” يُقَالُ : أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْإِلْحَاحُ عَلَى اللَّهِ ، وَالتَّضَرُّعُ إِلَيْهِ” .
نقله ابن عبد البر في “التمهيد” (5/343) .
ولأجل طلب حضور القلب في الدعاء ، وكون ذلك من شرائطه ، كان أرجى أوقات الدعاء وأفضلها ، أعظمها سكونا ، وجمعا لقلب العبد على ربه :
روى الترمذي (3499) وحسنه ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : ” قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ : ( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ) ، وحسنه الألباني في ” مشكاة المصابيح ” (1231) .
وفي صحيح البخاري (5962) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) .
قال ابن بطال رحمه الله في شرحه (10/89-90) : ” هذا وقت شريف مرغب فيه ، خصّه الله تعالى بالتنزل فيه ، وتفضّل على عباده بإجابة من دعا فيه ، وإعطاء من سأله ، إذ هو وقت خلوة ، وغفلة واستغراق فى النوم ، واستلذاذ به ، ومفارقة الدعة واللذة صعب على العباد ، لا سيما لأهل الرفاهية في زمن البرد ، ولأهل التعب والنصب في زمن قصر الليل .
فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه في غفران ذنوبه ، وفكاك رقبته من النار ، وسأله التوبة في هذا الوقت الشاق ، على خلوة نفسه بلذتها ، ومفارقة دعتها وسكنها فذلك دليل على خلوص نيته ، وصحة رغبته فيما عند ربه ، فضمنت له الإجابة ، التي هي مقرونة بالإخلاص ، وصدق النية في الدعاء، إذ لا يقبل الله دعاءً من قلب غافل لاهٍ. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى هذا المعنى بقوله: (والصلاة بالليل والناس نيام) .
فلذلك نبّه الله عباده على الدعاء في هذا الوقت الذى تخلو فيه النفس من خواطر الدنيا وعُلقها ، ليستشعر العبد الجدّ والإخلاص لربه ، فتقع الإجابة منه تعالى ، رفقًا من الله بخلقه ، ورحمةً لهم ؛ فله الحمد دائمًا ، والشكر كثيرًا ، على ما ألهم إليه عباده من مصالحهم ، ودعاهم إليه من منافعهم لا إله إلا هو الكريم الوهاب ” انتهى.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android