جاء في الحديث أنّ الخيل معقود في نواصيها الخير ، فما معنى هذا الحديث ؟ وما سبب هذا الحديث ؟
شرح حديث : ( الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ) .
السؤال: 232288
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى البخاري (2852) ، ومسلم (1873) عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الجَعْدِ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ : الأَجْرُ وَالمَغْنَمُ ) .
وروى البخاري (2371) ، ومسلم (987) – واللفظ له – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: فَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ ، وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ : فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَيُعِدُّهَا لَهُ ، فَلَا تُغَيِّبُ شَيْئًا فِي بُطُونِهَا إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرًا ، وَلَوْ رَعَاهَا فِي مَرْجٍ ، مَا أَكَلَتْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَجْرًا ، وَلَوْ سَقَاهَا مِنْ نَهْرٍ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تُغَيِّبُهَا فِي بُطُونِهَا أَجْرٌ، – حَتَّى ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا – وَلَوْ اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا أَجْرٌ، وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ: فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وَتَجَمُّلًا، وَلَا يَنْسَى حَقَّ ظُهُورِهَا، وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا، وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ وِزْرٌ فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا، وَبَذَخًا وَرِيَاءَ النَّاسِ، فَذَاكَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ ) .
وفي رواية لمسلم (1873): (الْخَيْرُ مَعْقُوصٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ) ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، بِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: (الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .
ومعنى الحديث : أن الخيل المعدة للجهاد في سبيل الله قد اقترن بها الخير ولازَمها ، إلى يوم القيامة ، وهي في سعيها ذلك لا تخرج عن الأجر ، والغنيمة ، وربما ظفرت بهما معا .
أما الأجر : فإنها كلما أكلت أو شربت أو مشت ، أو حتى بالت كتب الله لصاحبها أجرا .
وأما الغنيمة : فذلك فبالنصر على الأعداء ، وأخذ أموالهم .
قَوْلُهُ : (الْخَيْلُ): قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” الْمُرَادُ بِهَا مَا يُتَّخَذُ لِلْغَزْوِ ، بِأَنْ يُقَاتَلَ عَلَيْهِ ، أَوْ يُرْتَبَطَ لِأَجْلِ ذَلِكَ ” .
انتهى من “فتح الباري” (6/ 55) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” المراد بالخيل: خيل الجهاد لأنه فسر هذا الخير بقوله: (الأجر والمغنم) وهذا إنما يكون في خيل الجهاد ، فخيل الجهاد في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون الحديث عاما؛ أي: الخيل كلها سواء كانت ممن يجاهد عليه أم لا ؛ للعموم ” .
انتهى من “شرح رياض الصالحين” (5/ 377) .
وينظر : “شرح الزرقاني على الموطأ” (3/ 70) .
وقوله : (معقود في نواصيها الخير) قال المناوي رحمه الله :
” أي منوط بها ملازم لها، كأنه عقد فيها ، لإعانتها على جهاد أعداء الدين ، وقمع شر الكافرين ، وعدم قيام غيرها مقامها في الإجلاب والفر والكر عليهم ” انتهى من “فيض القدير” (3/ 171) .
وقال النووي رحمه الله :
” فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَالْمُرَادُ قُبَيْلَ الْقِيَامَةِ بِيَسِيرٍ، أَيْ حَتَّى تَأْتِيَ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ ” انتهى من “شرح النووي على مسلم” (7/ 69) .
ولا نعلم للحديث سببا خاصا إلا لبيان فضل الخيل ، وفضل ارتباطها في سبيل الله .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب