أنا معلمة في قرية تبعد عن منطقتي ساعة وثلث ( 115 كلم ) ، اتفقنا أنا ومعلمتان مع سائق، وطلب في البداية 1500 ريالا من كل معلمة شهرياً ، ثم زاد المبلغ إلى ألفي ريالا شهرياً ، والسبب أن عددنا قليل ، وفي حال زادت معلمة رابعة سينزل السعر إلى 1700 ريال ، ووعد أنه سيتم شهرا معنا فقط إذا بقي العدد على ما هو عليه ( 3 معلمات ) ، وبدأنا معه يوم الإثنين ، لكن السائق لم يوف بوعده ، وأكمل معنا أسبوعاً واحداً فقط ، وتركنا في منتصف الأسبوع يوم الثلاثاء بحجة أنه وجد عملاً آخر ، ولم يخبرنا مسبقاً ، بل أخبرنا في ساعة متأخرة ( 11 ونصف ليلاً ) ، حيث لم نتمكن من الاتفاق مع سائق آخر ، وتضررنا نحن المعلمات لمدة يومين ، وهو الآن يطلب مني 630 ريالا على افتراض أنه 2000 ريال لكل شهر ، لكني أعطيته 450 ريالا على ما اتفقنا عليه في البداية 1500 ريالا شهرياً ، لأنه لم يف بوعده ويكمل الشهر ، وتسبب بالضرر لنا ، فما هو المبلغ الصحيح الذي يستحقه ؟
سائق استؤجر على التوصيل لمدة معينة فامتنع عن إكمال المدة ، فهل يستحق الأجرة على المدة التي عمل فيها؟
السؤال: 237515
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
اختلف أهل العلم رحمهم الله : في الأجير إذا عمل بعض العمل ، هل يستحق على ذلك البعض أجرة ، أو لا يستحق شيئاً ؟ قولان للعلماء .
القول الأول : – وهو المشهور من مذهب الحنابلة – : أنه لا يستحق شيئاً من الأجرة .
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :
” وَكُلُّ مَوْضِعٍ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ فِيهِ ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ ، لِمَا عَمِلَ ” .
انتهى من ” كشاف القناع ” (4/26) .
وينظر أيضاً ” الشرح الممتع ” لابن عثيمين رحمه الله : (10/65-66) .
وذكر المرداوي في “الإنصاف” (9/447) : أن هذا القول انفرد به الإمام أحمد ، وخالف به الأئمة الثلاثة .
والقول الثاني وهو قول الجمهور : أن له من الأجرة بقدر ما عمل ؛ لأن كل جزء من العمل ، يقابله جزء من الأجرة بقسطه ، فكان له أخذ ما يقابل ذلك الجزء الذي عمله .
قال ابن حزم رحمه الله :
” وَكُلَّمَا عَمِلَ الْأَجِيرُ شَيْئًا مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِهِ ، اسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ ، فَلَهُ طَلَبُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ ، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ حَتَّى يُتِمَّ عَمَلَهُ ، أَوْ يُتِمَّ مِنْهُ جُمْلَةً مَا ; لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْعَمَلِ فَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَمَلِ جُزْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا اسْتَغَلَّ الْمُسْتَأْجِرُ الشَّيْءَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ ، فَعَلَيْهِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَيْضًا ” انتهى من ” المحلى ” (7/15) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
” الْأُجْرَة تتقسط على الْمَنْفَعَة ، فَإِذا عمل بعض الْعَمَل ، اسْتحق من الْأُجْرَة بِقدر مَا عمل ، وَلَو لم يعْمل إِلَّا قَلِيلا ” انتهى من ” جامع الرسائل لابن تيمية ” (1/151) .
وينظر – أيضا – لشيخ الإسلام رحمه الله في ” مجموع الفتاوى ” (30/183) .
والعقد الذي تم الاتفاق عليه كانت الأجرة 1500 ريال ثم زادها إلى 2000 ووافقتن على ذلك ، فيكون له أجرة الأيام التي عملها على حساب أن أجرة الشهر كانت 2000 ريال ، لأن هذا هو آخر ما تراضيتم عليه .
وقد عمل تسعة أيام ، فيكون له (600 ريال) .
ثانياً :
عقد الإجارة عقد لازم للطرفين ، فلا يجوز لأحدهما أن يفسخه إلا برضى الطرف الآخر ، كما سبق بيانه في السؤال رقم : (152774) .
فإن أصر على الفسخ ، ولم يمكن إلزامه بإتمام العقد ، فلا أقل من أن يتحمل الضرر الناشئ عن الفسخ .
وبناء على هذا ؛ فإن كنتن تحملتن نفقات زائدة عن المعتاد ، في هذين اليومين ، حتى وجدتن سائقا آخر : فإنه يتحمل تلك الزيادة ، وتخصم من مستحقاته .
ومثل ذلك : لو حصل عليكن خصم من الرواتب ، أو عقوبة مالية ، بسبب نقض السائق للعقد معكن : فإنه يضمن ذلك ، ويخصم من مستحقاته .
وينظر : ” الشرح الممتع ” (9/354) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة