وخلاصة ما سبق :
أن الآثار السابقة لا تقوى من حيث الصنعة الحديثية على الصمود أمام معايير المحدثين
في قبول الأخبار لبناء الأحكام الشرعية عليها ، أو استشكالها ومعارضة الأدلة
الشرعية بها .
وعلى فرض صحتها وثبوتها ، فليس من المنهج العلمي ، ولا من الإنصاف البحثي : البناء
عليها ، وترك الأحاديث التي تنهى عن اقتناء الكلاب إلا لعذر ، وذلك لأنه لا يدرى عن
سبب اقتناء هذه الكلاب من قبل أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ، أو مالك بن دينار
رحمه الله ، فقد يكون لسبب مشروع من صيد أو حراسة ، والراوي لم ينقل ذلك ؛ لأنه لم
يكن في معرض التفصيل والتوسع في أجزاء الحكاية ، فاقتصر على الشاهد الذي يريده من
العظة بتفضيل وفاء الكلب على غدر الإنسان .
ومن القواعد المستقرة في الفقه الإسلامي أن النصوص الشرعية لا تعارض بأقوال الرجال
وأفعالهم المخالفة ، والحجة في النص النبوي ، وليس بفعل صحابي أو تابعي يخالف فيه
النص وما أثر عن الصحابة والتابعين .
هذا على فرض ثبوت ما روي عنه ، وخلوه من الأعذار المبيحة للحاجة .
والله أعلم .