0 / 0

هل تزول الخلوة مع السائق بوجود صبي عمره ثمان سنوات ؟

السؤال: 246209

عمل زوجي يتطلب منه السفر كثيرا لمدة ثلاثة أسابيع ، أو شهر ، وليس لدي محارم في البلد الذي أعيش فيه ، ولدي أطفال ، وأحيانا نحتاج أن نذهب لسوبر ماركت ، أو مستشفى ، أو مشاوير ضرورية ، فهل يجوز أن أركب مع السائق الخاص بنا بمفردي مع أطفالي ، علما بأن الكبير 8 سنوات ، والصغير 4 سنوات ؟

ملخص الجواب

خلاصة الجواب : يجوز لك الركوب مع السائق في وجود ابنك الذي له ثمان سنوات، ما دام عاقلا متيقظا يستحيى منه، وينبغي التقليل من ذلك ، والاقتصار على مواضع الضرورة أو الحاجة. والله أعلم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
لا تجوز خلوة المرأة بأجنبي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1862) ، ومسلم (1341) ، وقوله : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) رواه الترمذي (1171) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .

ونقل النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (14/ 153) إجماع العلماء على تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ” ، وكذا نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (4/ 77).

والانفراد مع السائق يعتبر خلوة ولو كان يسير في طرقات وشوارع مليئة بالناس، كما أفتى به غير واحد من أهل العلم .
وينظر جواب السؤال رقم : (10374).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قال رحمه الله : ” لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها ؛ لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة) .
ولا يقال إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق ، صحيح أنهم يمشون في السوق ، لكنهم في خلوة ؛ لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة ، أو حجرة ، انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة ، فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء وأن يضحك إليها وتضحك إليه ، ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما أراد ، فالمسألة خطيرة جداً سواء قلنا إنها خلوة كما هو الذي يتضح لنا أو قلنا إنها ليست بخلوة ، فإنها تعرض للفتن بلا ريب ، ثم إن بعض الناس يقول : إن زوجتي والحمد لله مأمونة تخاف الله ، أو إن ابنتي كذلك مأمونة تخاف الله ، وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة ، نقول : مهما كان الأمر فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.

ثانيا:
تنتفي الخلوة بوجود محرم للمرأة ، أو وجود امرأة أخرى على الراجح.
قال في “أسنى المطالب” (3/407) : ” ( و ) يجوز ( لرجل ) أجنبي ( أن يخلو بامرأتين ، لا عكسه ) أي لا يجوز لرجلين أجنبيين أن يخلوا بامرأة ولو بَعُدَ تواطئهم على الفاحشة كما صرح به النووي في مجموعه ; لأن المرأة تستحيي من المرأة فوق ما يستحي الرجل من الرجل ” انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” أما الخلوة في البلد فلا يجوز للمرأة أن تخلو بالسائق في السيارة ، ولو إلى مدى قصير ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) .
ولكن إذا كان مع المرأة امرأة ، أخرى وكان السائق أميناً : فهنا لا خلوة ، فلا حرج أن تركب في السيارة هي والمرأة ما دام أن ركوبها ليس سفراً .
وحينئذ نقول : زالت الخلوة بالمرأة المصاحبة ، ولا نقول : إن المرأة المصاحبة تعتبر محرماً ، بل نقول : إن الممنوع في البلد أن يخلو الرجل بالمرأة ، بخلاف السفر ، فالسفر الممنوع أن تسافر المرأة بلا محرم ، وبين المسألتين فرق واضح ” .
انتهى من “مجموع فتاوى ابن عثيمين” (21/ 191).
ثالثا:
لا يشترط في المحرم الذي تنتفي به الخلوة أن يكون بالغا، بل إذا كان مميزا يُستحيا منه ، انتفت الخلوة.
جاء في “فتاوى النووي” ـ رحمه الله ـ ، ص 209: ” هل يحل له مساكنة المعتدة منه ؟
الجواب: إِن سكنَ كلٌ منهما في مسكن من دار ، منفردة بمرافقه : كالمطبخ ، والبئر، والمستراح، والمصْعَدِ إِلى السطح ونحوه : جاز.
وإِن اتحدت المرافق : لم يجز؛ إِلا أن يكون هناك مَحْرَم له ، أو لها ، من الرجال، أو النساء، أو زوجةٍ ، أو جاريةٍ ، أو امرأة أجنبيةٍ ثقةٍ .
ويشترط في هذا المحْرَم وغيرِه أن يكون عاقلًا، بالغًا، أو مراهقًا، أو مميزًا، بحيث يُستحيا منه. ويجوز أن يخلو رجل بأجنبيتين، ولا تجوز خلوة رجلين بأجنبية ” انتهى.

وقال في “أسنى المطالب” (3/407): ” ( فصل : يحرم على الزوج ) ولو أعمى ( مساكنة المعتدة ) في الدار التي تعتد فيها ، ومداخلتها ؛ لأنه يؤدي إلى الخلوة بها ، وهي محرمة عليه ؛ ولأن في ذلك إضرارا بها ، وقال تعالى : (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ( إلا في دار واسعة ) فيجوز ذلك ( مع محرم لها من الرجال ، أو ) محرم ( له من النساء ، أو ) مع ( زوجة ) أخرى له ( أو جارية ) له ، ولها ، لانتفاء المحذور السابق ، ( و ) لكنه ( يكره ) ; لأنه لا يؤمن معه النظر …
( ويشترط في المحرم ) ونحوه ( تمييز وبلوغ ) : فلا يكفي غير المميز ، ولا المميز الصغير ؛ لأن غير المكلف لا يلزمه إنكار الفاحشة .
واعتبار البلوغ نقله الأصل عن الشافعي ثم قال : وقال الشيخ أبو حامد : يكفي عندي حضور المراهق ، وقضية كلام النووي في منهاجه ، كأصله : الاكتفاء بالمميز ، وصرح به في فتاويه ، فقال: ويشترط أن يكون بالغا عاقلا أو مراهقا أو مميزا يستحيا منه ” انتهى.

فإن كان الصبي صغيرا ، لا يُستحيا منه ، كابن سنتين وثلاث وأربع ، فإن الخلوة لا تنتفي به.

قال النووي رحمه الله : ” وأما اذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما : فهو حرام باتفاق العلماء .
وكذا لو كان معهما من لا يستحيا منه ، لصغره ؛ كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك ؛ فإن وجوده كالعدم” انتهى من “شرح مسلم” (9/109).

وقال رحمه الله : ” واعلم أن المحرم الذى يجوز القعود مع الأجنبية مع وجوده : يشترط أن يكون ممن يستحيا منه، فان كان صغيرا عن ذلك ، كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك : فوجوده كالعدم ، بلا خلاف” انتهى من “المجموع” (4/278).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ” ما حكم جلوسي مع أخو زوجي، وأطفالي في حضرتي؟
فأجاب: ليس لك الجلوس مع أخي زوجك مع الأطفال ؛ لأن هذه خلوة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يخلون رجلٌ بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) .
أما إذا كانوا مميزين ، بحيث يُحترمون : تزول الخلوة ؛ ابن سبع، وابن ثمان ، وابن عشر .
أما الصغار دون السبع : فليس لوجودهم فائدة، ولا يمنع من الخلوة .
فلا بد يكون الأولاد من سبع ، فأكثر، يحصل بهم زوال الخلوة. جزاكم الله خيراً” انتهى :
http://www.binbaz.org.sa/noor/2003

وعليه : فيجوز لك الركوب مع السائق في وجود ابنك الذي له ثمان سنوات ، ما دام عاقلا متيقظا يستحيى منه ، وينبغي التقليل من ذلك ، والاقتصار على مواضع الضرورة أو الحاجة.
وانظري للفائدة : سؤال رقم :(137095).
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android