أنا شريك في شركة ، وأنا المسئول عنها، وشركائي كل يعمل في عمل مختلف ، ومن ضمن الاتفاق أن كل منا له الحق في عمل أي بيزنس أو عمل خارجي طالما ليس علاقة بنشاط شركتنا، وفي أثناء زيارة لأحد العملاء طلب مني صنفا خارج نطاق عمل الشركة ، كمثال توضيحي : فرضا أننا نبيع بطاريات سيارات ، فقد طلب مني مثلا ملايات أو شراشف للسراير ، وهو يعلم قطعا أننا لا نعمل به ، فقلت له : لا نبيع هذا الصنف ، وأنت تعلم ذلك ، مع إبداء الاستغراب ، والاستعلاء ؛ لأن نوعية البضاعة لا تتناسب مع مجال عملنا وتخصصنا ، فقال لي: ابحث عنه فقد تجده ، لأنه ليس عندنا مورد له ، فقررت أن أجعله عملا خاصا بي ، وبالفعل بحثت عنه حتى وجدته ، وطلبت من العميل شراء كميات بعينها منه كحد أدنى ، وطبعا بما أنه لا بد أن يكون البيع والتحصيل عن طريق مؤسسة أو شركة فقررت أن أجعل شركتنا هي المورد مقابل نسبة أدخلها للشركة من الأرباح بدلا من أن أبحث عن شركة أخرى خارجية تذهب الفائدة لها ، وآثرت أن تكون لشركتنا ، وبالطبع مقابل نسبة لي من الأرباح ، وأخبرت شركائي بكل شيء ، وبأدق التفاصيل ، ماعدا أنني أنا الشخص الذي قام بعمل هذه الطلبية ، وذلك قد يكون بسبب أن أحد الشركاء كان قد أبلغني بشيء مشابه ، وأخبرنا بأنه لن يفصح عن اسم الشخص بناء على طلبه ، وبما أن البضاعة المذكورة ليست في نطاق عمل شركتنا، فقد رحب الشركاء بهذا العرض ، وأبلغتهم أن الشخص المنفذ للصفقة لا يريد أن يظهر ، ولا أن يعرف أحد اسمه فوافقوا، ولكني ظللت متخوفا أن أكون قد فعلت شيئا حراما ، أو خطئا ، أو أخذت ما ليس لي بحق ، فتعمدت إبلاغ شركائي لاحقا بأنني سأحاول القيام بعمل طلبيات مماثلة من نفس البضاعة ، التي هي خارج نطاق عمل شركتنا ، وأن أخذ نفس النسبة التي أخذها الشخص المجهول مبديا أنني أولى أن أفعل ذلك ، وأن أحظى بتلك النسبة فوافقوا ، فما حكم المال الذي أخذته في الصفقة السابقة ؟
حكم إجراء الشريك صفقة مع شركته دون علم شركائه
السؤال: 246536
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما دام هذا الصنف خارجا عن نطاق عمل الشركة ، ومادمت قد أخبرت شركاءك بتفاصيل الصفقة ونسبة ربح الشركة من التوريد ، فلا حرج في ذلك، وغاية الأمر أنك أخفيت عنهم قيامك بهذا العمل ، وهذا لا يضر .
والمحذور هنا أمران:
الأول: أن تعمل لحسابك في صنف يدخل في نطاق عمل شركتك ؛ لما فيه من الإخلال بالشرط بينكم.
الثاني: أن تجري صفقة لنفسك مع شركتك ، دون علم الشركاء بهذه الصفقة ؛ لوجود التهمة ، فقد تحابي نفسك ، وتعطي الشركة نسبة قليلة من الربح ، ولهذا منع الفقهاء من بيع الوكيل لنفسه ، ولأنه لو أجريت الصفقة دون علمهم ، لكنت نائبا عن الشركة وهذا يقتضي الاستقصاء لها، وكنت في المقابل متعاملا معها ، وهذا يقتضي الاسترخاص لنفسك، والاستقصاء والاسترخاص متضادان لا يجتمعان، ولهذا يمنع الشريك من البيع لنفسه أو لشركة أخرى له فيها نصيب، إلا إذا علم شركاؤه بالصفقة ورضوا بها.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (5/68) : ” وشراء الوكيل من نفسه غير جائز . وكذلك الوصي ” .
وجملة ذلك : أن من وكل في بيع شيء ، لم يجز له أن يشتريه من نفسه ، في إحدى الروايتين [أي : عن الإمام أحمد] . وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي . وكذلك الوصي ، لا يجوز أن يشتري من مال اليتيم شيئا لنفسه ، في إحدى الروايتين . وهو مذهب الشافعي .
وحكي عن مالك ، والأوزاعي جواز ذلك فيهما .
والرواية الثانية عن أحمد : يجوز لهما أن يشتريا بشرطين ; أحدهما : أن يزيدا على مبلغ ثمنه في النداء . والثاني ، أن يتولى النداء غيره ” انتهى .
وقال المرداوي في “الإنصاف” (5/377) : ” فائدتان : إحداهما : وكذا الحكم في شراء الوكيل من نفسه للموكّل .
وكذا الحاكم وأمينه والوصي وناظر الوقف، والمضارب كالوكيل ” انتهى .
وإذا كنت في المستقبل ستظهر اسمك ودورك في الصفقة ، فلا حرج، وهذا أفضل ، من غير شك ، وأبعد لك عن أن يظن بك شركاؤك شيئا .
على أننا ننصح الشركاء وغيرهم من المتعاملين مع بعضهم البعض : أن تتسم معاملاتهم بالصدق والبيان والوضوح ، تجنبا لحصول الخلافات والنزاعات بينهم ، ولأن ذلك أبعد عن التهمة ، وتحصيلا للبركة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن البائع والمشتري : ( فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ) رواه البخاري (2079) ، ومسلم (1532) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب