0 / 0
2,14702/06/2023

هل يخرج من الجمعة لتلقين نصراني شهادة الإسلام؟

السؤال: 268339

هل يمكن الخروج من المسجد من أجل تلقين الشهادة لنصراني يريد أن يصبح مسلمًا في أثناء خطبة الجمعة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا يجوز الخروج من المسجد أثناء الخطبة إلا لأمر ضروري ، لا يقبل التأجيل ؛ كإنقاذ غريق ، أو إنقاذ صبي من الهلاك ، أو إطفاء حريق ، أو نجدة مستغيث ، ونحو ذلك من الأسباب الضرورية التي يجوز من أجلها قطع الصلاة .

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (216139).

ثانيا:

ما جاء في السؤال من الخروج أثناء خطبة الجمعة، لتلقين الكافر الشهادتين، يقال فيه:

في هذه الصورة قد تعارض واجبان : تلقين الكافر شهادة الإسلام، ليدخل فيه. وهذا هو الواجب الأول.

والثاني: الاستماع للخطبة ، وهذا هو الواجب الثاني، وهو واجب عين على من حضر الجمعة.

والذي يظهر والله أعلم: أن مراعاة مصلحة الداخل في الإسلام والراغب فيه، وتلقينه الشهادتين، إن كان لا يحسنهما، وتعليمه الإسلام، إن كان راغبا فيه: مقدمة على مصلحة سماع الخطبة.

وقد ذكر الفقهاء أن عرض الإسلام على الراغب فيه واجب على الفور، حتى إنه يأثم بتأخيره، حتى إن بعضهم قد صرح بتكفيره !!

قال النووي رحمه الله : " إذا أراد الكافر الإسلام فليبادر به ، ولا يؤخره للاغتسال ، بل تجب المبادرة بالإسلام ، ويحرم تحريما شديدا تأخيره للاغتسال وغيره.

وكذا إذا استشار مسلما في ذلك ، حرم على المستشار تحريما غليظا أن يقول له: أخره إلى الاغتسال ، بل يلزمه أن يحثه على المبادرة بالإسلام.

هذا هو الحق والصواب، وبه قال الجمهور.

وحكي الغزالي رحمه الله في باب الجمعة وجها أنه يقدم الغسل على الإسلام ليسلم مغتسلا ، قال: وهو بعيد. وهذا الوجه غلط ظاهر لا شك في بطلانه ، وخطأ فاحش ، بل هو من الفواحش المنكرات ، وكيف يجوز البقاء على أعظم المعاصي ، وأفحش الكبائر ، ورأس الموبقات ، وأقبح المهلكات ، لتحصيل غسل لا يحسب عبادة لعدم أهلية فاعله.

وقد قال صاحب التتمة في باب الردة : لو رضي مسلم بكفر كافر ، بأن طلب كافر منه أن يلقنه الإسلام فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر، صار مرتدا في جميع ذلك ؛ لأنه اختار الكفر على الإسلام !!

وهذا الذى قاله إفراط أيضا، بل الصواب أن يقال: ارتكب معصية عظيمة " .

انتهى من " المجموع "(2/154).

وقال شيخ الشافعية في زمانه، ابن حجر الهيتمي، رحمه الله: " ومن المكفرات أيضاً أن يرضى بالكفر ولو ضمناً كأن يسأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة الإسلام فلا يفعل, أو يقول له: اصبر حتى أفرغ من شغلي أو خطبتي لو كان خطيباً, أو كأن يشير عليه بأن لا يسلم وإن لم يكن طالباً للإسلام فيما يظهر" انتهى، من "الإعلام بقواطع الإسلام" (100).

وقال ابن فرحون المالكي، رحمه الله: " فَصْلٌ فِي حُكْمِ الرِّدَّة. والعِياذُ بِاَللَّهِ، ونَسْألُ اللَّهَ حُسْنَ الخاتِمَةِ، وهِيَ الكُفْرُ بَعْدَ الإسْلامِ.

قالَ ابْنُ الحاجِبِ: وتَكُونُ بِصَرِيحٍ، وبِلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، وبِفِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ.

قالَ ابْنُ راشِدٍ: فالصَّرِيحُ واضِحٌ كَقَوْلِهِ: أُشْرِكُ بِاَللَّهِ أوْ أكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ.

واللَّفْظُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ: مِثْلُ أنْ يَنْسُبَ التَّأْثِيرَ لِلنُّجُومِ، ومِثْلُ الخَطِيبِ يَرى كافِرًا يُرِيدُ أنْ يَنْطِقَ بِكَلِمَةِ الإسْلامِ، فَيَقُولُ لَهُ: اصْبِرْ حَتّى أفْرُغَ مِن خُطْبَتِي؛ فَإنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِ الخَطِيبِ، لِأنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أنَّهُ أرادَ بَقاءَ الكُفْرِ، قالَ: وهَذا سَمِعْته مِن شَيْخِنا شِهابِ الدِّينِ القَرافِيِّ – رحمه الله – ولَمْ أرَ مَن نَصَّ عَلَيْهِ. " انتهى، من "تبصرة الحكام" (2/277).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (244798). 

وإذا كان يجوز الكلام في الخطبة للضرورة، كتحذير أعمى من السقوط ونحوه ، فهذا أشد ضرورة مما ذكروه في هذه الرخص.

وقد روى مسلم في "صحيحه" (876) عن أبي رِفَاعَةَ، قال: " انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ؛ فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا".

قال النووي، رحمه الله:

" فِيهِ: اِسْتِحْبَاب تَلَطُّف السَّائِل فِي عِبَارَته وَسُؤَاله الْعَالِم .

وَفِيهِ: تَوَاضُع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِفْقه بِالْمُسْلِمِينَ, وَشَفَقَته عَلَيْهِمْ، وَخَفْض جَنَاحه لَهُمْ . وَفِيهِ: الْمُبَادَرَة إِلَى جَوَاب الْمُسْتَفْتِي، وَتَقْدِيم أَهَمّ الْأُمُور فَأَهَمّهَا، وَلَعَلَّهُ كَانَ سَأَلَ عَنْ الْإِيمَان وَقَوَاعِده الْمُهِمَّة.

وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ يَسْأَل عَنْ الْإِيمَان، وَكَيْفِيَّة الدُّخُول فِي الْإِسْلَام: وَجَبَ إِجَابَته وَتَعْلِيمه، عَلَى الْفَوْر.

وَقُعُوده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكُرْسِيّ لِيَسْمَع الْبَاقُونَ كَلَامه، وَيَرَوْا شَخْصه الْكَرِيم" انتهى، من "شرح مسلم" (6/165).

وهذا كله؛ إذا تعين التلقين على من حضر الجمعة، كأن لا يوجد غيره ممن لا يطالب بالجمعة، من مسافر، أو مريض ونحوه، ممكن حضر السؤال، ويمكنه أن يلقنه الكافر الشهادتين.

نقول ذلك، مع تقديرنا أن تصور مثل هذه الحال: نادر الحدوث جدا، أن يوجد كافر، راغب في الإسلام، يتعرض بسؤاله لمن حضر الجمعة، أو يلزمه حضورها؛ إلا أن يكون ذلك عن طريق هاتف، أو وسيلة تواصل، مما يلزمه الانقطاع عنه إذا حضر خطبة الجمعة!!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android