0 / 0
7,88830/05/2017

المراد بالطبيعة في قولهم: إن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها .

السؤال: 272224

يقول بعض أهل العلم في كتبهم ، وقد قرأته في كتاب “تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد” ، عبارة لم أفهمها وهي : ” إن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها ” ، فما معنى هذه العبارة ، وماهي الطبيعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المقصود بالطبيعة في مثل هذا السياق: المزاج العام للشخص ، وما أودعه الله فيه من الصحة والعافية ، والقوى الجمسانية ؛ فإن المزاج القوي يقاوم العلة المرضية ويدفعها.

ومن ذلك قول ابن القيم رحمه الله: ” فعلم القلب ومعرفته بذلك : توجب محبته، وإجلاله، وتوحيده فيحصل له من الابتهاج واللذة والسرور، ما يدفع عنه ألم الكرب والهم، والغم .

وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ؛ كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى” انتهى من زاد المعاد (4/ 187).

ومنه قول ابن مفلح رحمه الله : ” اُشْتُهِرَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَصَحَّ عَنْهُ : أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، وَيَقُومُ أَوَّلَ النِّصْفِ الثَّانِي ، يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَيَدْعُو .

فَيَسْتَرِيحُ الْبَدَنُ بِذَلِكَ النَّوْمِ وَالرِّيَاضَةِ وَالصَّلَاةِ ، مَعَ حُصُولِ الْأَجْرِ الْوَافِرِ .

فَالنَّوْمُ الْمُعْتَدِلُ مُمْكِنٌ لِتَقْوَى الطَّبِيعَةُ مِنْ أَفْعَالِهَا، مُرِيحٌ لِلْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ مُكْثِرٌ مِنْ جَوْهَرِ حَامِلِهَا”. انتهى، من “الآداب الشرعية” (3/244) .

وفي المصباح المنير (2/ 368): ” وَالطَّبِيعَةُ : مِزَاجُ الْإِنْسَانِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْأَخْلَاطِ” انتهى.

قال الجرجاني في التعريفات ص140: ” الطبيعة: عبارة عن القوة السارية في الأجسام ، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعي” انتهى.

ويسمى ذلك “الطبيعة” باعتبار أن الله تعالى : ” طبعه عليه” ؛ يعني : أن الله تعالى جعلها فيه بأصل الخلقة ، دون أشياء خارجية حصلت له .

قال في المصباح المنير (1/ 90): ” وَالْجِبِلَّةُ – بِكَسْرَتَيْنِ وَتَثْقِيلِ اللَّامِ – ، وَالطَّبِيعَةُ ، وَالْخَلِيقَةُ ، وَالْغَرِيزَةُ : بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

وَجَبَلَهُ اللَّهُ عَلَى كَذَا – مِنْ بَابِ قَتَلَ – : فَطَرَهُ عَلَيْهِ.

وَشَيْءٌ جِبِلِّيٌّ : مَنْسُوبٌ إلَى الْجِبِلَّةِ ، كَمَا يُقَالُ طَبِيعِيٌّ ، أَيْ ذَاتِيٌّ ، مُنْفَعِلٌ عَنْ تَدْبِيرِ الْجِبِلَّةِ فِي الْبَدَنِ ، بِصُنْعِ بَارِئِهَا ؛ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ” انتهى.

واستعمال الطبيعة في هذه المعاني متقارب ؛ وهو واضح لا إشكال فيه ، ولا حرج .

قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله ، في بيان مسالك الجمع بين ما جاء في إثبات العدوى ، وما جاء في نفيها:

” ثانيها : حمل الخطاب بالنفي والإثبات على حالتين مختلفتين ؛ فحيث جاء ( لا عدوى ) : كان المخاطب بذلك من قوي يقينه ، وصح توكله ، بحيث يستطيع أن يدفع عن نفسه اعتقاد العدوى ، كما يستطيع أن يدفع التطير الذي يقع في نفس كل أحد ، لكن القوي اليقين : لا يتأثر به .

وهذا مثل ما تدفع قوة الطبيعة العلة ، فتبطلها .

وعلى هذا يحمل حديث جابر في أكل المجذوم من القصعة ، وسائر ما ورد من جنسه .

وحيث جاء : ( فر من المجذوم ) : كان المخاطَب بذلك من ضعف يقينه ، ولم يتمكن من تمام التوكل ، فلا يكون له قوة على دفع اعتقاد العدوى .

فأريد بذلك : سد باب اعتقاد العدوى عنه ، بأن لا يباشر ما يكون سببا لإثباتها .. ” انتهى . من “فتح الباري” (10/160) . وهو أصل النص المنقول في “تيسير العزيز الحميد” (364) .

فالطبيعة هي : المزاج، والقوة التي جعلها الله في البدن، فإذا قوي ذلك دفع المرض وأبطله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android