ورثت عن والدي أرضا ، وكانت هذه الأرض في نيته بيعها من أجل بناء مسجد في أرض أخرى قد خصصها للبناء ، ويعرف عنها جميع العائلة ، وكنت لأنا أعيش معهم ، وعلى علم بذالك ، وكنت قد كتبت على المخطط وقتها أنها وقف لبيعها من أجل بناء مسجد حسب رغبته ، وبعد وفاة أبي إخوتي لا يتذكرون أن والدي نوى بيعها من أجل بناء المسجد ، وعند القرعة كانت من نصيبي ، وأنا الآن لا أعلم ماذا أفعل ؟ هل يجب على بيعها لبناء مسجد وتحقيق رغبة أبي ؟ مع العلم أن الأرض التى كان ينوي بناء المسجد عليها جاء فاعل خير وبني مسجد عليها ؛ لأنه وقتها لم أستطع بيع الأرض ، وحتى قيمة الأرض لا تكفي لبناء المسجد ، فالآن ماذا علي عمله ؛ لأنه جاء شخص لشراء الأرض ، فهل أتبرع بقيمة الأرض في المساهمة ببناء مسجد ؟ أم أبيعها ، وأتصرف في المال بشراء منزل ؟
إذا كان والدك قد وقف هذه الأرض بعبارة صريحة، فإنها لا تدخل في التركة، وتباع ويبنى بثمنها المسجد، أو يوضع ثمنها في بناء مسجد آخر.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (44 / 119): "ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ : إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ مَتَى صَدَرَ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ ، مُسْتَكْمِلاً شَرَائِطَهُ : أَصْبَحَ لاَزِمًا ، وَانْقَطَعَ حَقُّ الْوَاقِفِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ ، بِأَيِّ تَصَرُّفٍ يُخِل بِالْمَقْصُودِ مِنَ الْوَقْفِ ، فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ ؛ وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ ، وَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ ) رواه البخاري (2764) ، ومسلم (1633).
وَلأِنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْمِيرَاثَ ، فَلَزِمَ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ مِنَ الْوَاقِفِ كَالْعِتْقِ ، وَيُفَارِقُ الْهِبَةَ، فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ ، وَالْوَقْفُ تَحْبِيسُ الأْصْل وَتَسْبِيل الْمَنْفَعَةِ ، فَهُوَ بِالْعِتْقِ أَشْبَهُ ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى " انتهى .
وإذا كان الوالد لم يوقف هذه الأرض فعليا ، وإنما كانت له نية في بيعها ليبني بها مسجدا-وهذا هو الظاهر من سؤالك- فإنها تكون تركة، ولمن وقعت في نصيبه أن يتصرف فيها بما يحب؛ لأنها ملك له.
وكذا لو نوى وقفها؛ ولكنه لم يتلفظ بذلك ، أو يفعل فعلا يدل على أنها صارت وقفًا ، لأن الوقف لا ينعقد بمجرد النية ، بل ينعقد باللفظ ، أو بالفعل الدال عليه ، كبناء مكان وفتح أبوابه للناس ليصلوا فيه، أو عمل سقاية ، وتركها للناس ونحو ذلك.
وينظر: جواب السؤال رقم : (146753) .
وعلى هذا: فلا حرج عليك لو بعت الأرض واشتريت بثمنها منزلا، أو فعلت فيها ما ترين.
والله أعلم.