0 / 0
137,11108/06/2018

يسأل عن جملة من الأدعية المنتشرة في وسائل التواصل

السؤال: 288092

هل يجوز قول اللهم إني وكلتك أمري ، فأنت لي خير وكيل ، ودبر لي أمري فإنني لا أحسن التدبير ، وقول اللهم اجعل أمي وأبي ممن تقول لهما النار : اعبرا ؛ فإن نوركما قد أطفأ ناري ، وتقول لهما الجنة : أقبلا فقد اشتقت إليكما قبل أن أراكما ، اللهم ارزقني بر والدي في السر والعلن ، وأجعل باب الجنة برضاهما علي مفتوح لي ، وأبعد عني ما يسخطهما مني ، و أيضا انتشر من باب تحصين الأبناء قول أستودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه ، وتمسح على الرأس والجسم ؟ وقول حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون متى تقال ؟ وانتشر قول لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا كدعاء ، وملازمة ذلك بعدد أو وقت ، فما حكم ذلك ؟ وقول اللهم أحييني على الإسلام ، وأمتني على الإيمان ، ولا تأخذني إلا وأنت راض عني ، فهل يقال وأمتني على الإيمان أم وأمتني على الإسلام ؟ هذا مما انتشر وأردت معرفة الصحيح منه .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا حرج في دعاء الإنسان بقوله: ” اللهم إني وكلتك أمري فأنت لي خير وكيل ودبر لي أمري فإنني لا أحسن التدبير”  فإنه سبحانه نعم الوكيل كما قال:  الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ  آل عمران/173 .

وقال سبحانه: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) الزمر/ 62 .

قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (ص947): ” الوكيل: المتولي لتدبير خلقه بعلمه وكمال قدرته وشمول حكمته والذي تولى أولياءه فيسرهم لليسرى وجنبهم العسرى وكفاهم الأمور. فمن اتخذه وكيلاً كفاه. اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ” انتهى.

ثانيا:

لا ينبغي الدعاء بقولك: ” اللهم اجعل أمي وأبي ممن تقول لهما النار اعبرا فإن نوركما قد اطفأ ناري ، وتقول لهما الجنة أقبلا فقد اشتقت إليكما قبل أن أراكما”

وذلك أن هذا المعنى وهو قول النار: اعبرا.. من الغيب، ولم يرد في حديث صحيح.

وجاء في حديث ضعيف:   تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جز يا مؤمن ؛ فقد أطفأ نورك لهبي .

قال الألباني رحمه الله في ” السلسلة الضعيفة ” (7 /421)” : ضعيف ، أخرجه الطبراني في “الكبير” ، وتمام في “الفوائد” (143/ 2) ، والنعالي في “حديثه” (135/ 2) ، والماليني في “الأربعين” (12/ 9) ، وعبدالغني المقدسي في “ذكر النار” (227/ 2) ، وأبو نعيم في “الحلية” (9/ 329) عن منصور بن عمار : أخبرنا بشير بن طلحة عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية مرفوعا” انتهى.

وأما اشتياق الجنة ، فلم يرد في حق كل مؤمن ، بل جاء في بعض الناس، كما روى الحاكم في المستدرك (4666) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَى ثَلَاثَةٍ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ . قال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، وأقره الذهبي.

ثالثا:

لا حرج في الدعاء بقولك: ” اللهم ارزقني بر والدي في السر والعلن واجعل باب الجنة برضاهما علي مفتوحا لي ، وأبعد عني ما يسخطهما مني” لأن البر من أعظم الأعمال، والوالد أوسط أبواب الجنة، والجنة تحت أقدام الأمهات.

رابعا:

لا حرج في تحصين الأبناء بقولك: ” أستودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه” مع مسح الرأس والجسم.

فقد روى ابن ماجه (2825) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ” وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:  أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ  .

وصححه الألباني.

وروى أحمد (8694) عن أبي هريرة: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا ودع أحدا، قال:  أستودع الله دينك ، وأمانتك، وخواتيم عملك  وصححه محققو المسند.

خامسا:

قول الله تعالى:  وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ  التوبة/59 ليس دعاء.

قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: ” هذه الآية والتي قبلها في طائفة من المنافقين، قال الله عز وجل: وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ.وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ التوبة/58-59 .

وليس فيها دعاء ؛ وإنما فيها الإخبار عن بعض المنافقين الذين همهم الدنيا ، فيرضون إذا أُعطوا شيئاً منها ، ويسخطون إذا لم يُعطوا، فأُرشدوا إلى الرضا بما آتاهم الله ، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم سبباً في ذلك ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما أنا قاسم والله يعطي (رواه البخاري (71) ومسلم (2392)) ، والتوكل على الله بأن يقولوا: حسبنا الله .

وأما قولهم: سيؤتينا الله من فضله ورسوله فليس بدعاء، وإنما فيه إخبار عما يؤمِّلونه ويحصل لهم من الله ورسوله ، من الإيتاء في المستقبل ، كما حصل في الماضي في قوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ [التوبة:59] .
وجواب لو محذوف تقديره: لكان خيراً لهم ، كما قال الشوكاني في تفسيره.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: “لسلموا من النفاق ولهدوا إلى الإيمان والأحوال العالية”” انتهى من:

https://ar.islamway.net/article/9277

سادسا:

قوله تعالى:   لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا   الطلاق/1 ليس دعاء، ولو كان دعاء لما شرع تخصيصه بعدد أو وقت معين؛ لأن التخصيص بذلك إنما يكون بالسنة، لا بالاختراع والإحداث.

لكن لا بأس بأن يتمثل به المؤمن ، عند موقف يناسبه ؛ كأن يرى من نزلت به شدة ، أو أمر كرهه ، فيقول له ، على سبيل التبشير ، والتأميل في الفرج ، وتغير الحال :   لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا   .

سابعا:

لا حرج في دعاء الإنسان: ” اللهم أحيني على الإسلام وأمتني على الإيمان ولا تأخذني إلا وأنت راض عني”

وقد روى أحمد (8809) ، والترمذي (1024) ، وابن ماجه (1498) :  ” أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ، قَالَ:  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَانِ وصححه الألباني.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” الحياة ذكر معها الإسلام ، وهو الاستسلام الظاهر .

وأما الموت : قال توفنا على الإيمان ؛ لأن الإيمان أفضل ، ومحله القلب ، والمدار على ما في القلب عند الموت وفي يوم القيامة” انتهى من “شرح رياض الصالحين” (4/ 445).

وقال في “الشرح الممتع” (5/ 323): ” والحكمة من ذلك: أن الاستسلام الظاهر حين الوفاة قد لا يتمكن الإنسان منه؛ لأنه منهك وفي آخر قواه ، فكان الدعاء له بالإيمان في هذه الحال أبلغ؛ ولأن الإيمان هو اليقين، ووفاة الإنسان على اليقين أبلغ.

وأما الإسلام : فإنه استسلام ظاهر بالعمل ، ويكون من المؤمن حقاً، ومن ضعيف الإيمان، ومن المنافق أيضاً” انتهى.

وينبغي أن يحرص الإنسان على نشر السنة، وألا ينشر من الرسائل إلا ما تأكد من صحته، وأن يحذر الأدعية المخترعة .

قال القاضي عياض رحمه الله : ” أذن الله في دعائه ، وعلَّم الدعاءَ في كتابه لخليقته، وعلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاءَ لأمَّته، واجتمعت فيه ثلاثةُ أشياء : العلمُ بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمَّة ، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدلَ عن دعائه صلى الله عليه وسلم .

وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام ، فقيَّض لهم قومَ سوء ، يخترعون لهم أدعيةً ، يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ” .

انتهى  من “الفتوحات الربانية” لابن علان (1/17).

وقال القرطبي رحمه الله : “فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء، ويدع ما سواه ، ولا يقول أختار كذا ؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه ، وعلمهم كيف يدعون ” انتهى من “الجامع لأحكام القرآن” (4 /231).

وقال علماء اللجنة الدائمة :

“فيما ثبت في الوحيين من الأدعية والأذكار غنية عن الأدعية والأذكار المخترعة ” .

انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة”(1 / 53) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android