أنا زوجة الثانية ، وزوجي لا يعدل بيني وبين زوجته الأولى ، فهي عندها أولاد ، وأنا لم أرزق ، وتزوجته منذ 6 سنوات ، أنا مع زوجي في بلد ، وزوجته الأولى في بلد آخر ، ويوما وجدت زوجي يمارس الجنس مع زوجته الأولى بالتليفون فيديو في غرفة نومي ، ولم يبالي بوجودي في البيت ، فهل زوجي آثم ، أم إنه حلال ؛ لأنها زوجته ؟ وعندما سألته لم فعلت هذا ؟ أجابني أنا حر .
يلزم الرجل العدل بين زوجتيه في القسم أي المبيت، فيجعل لهذه ليلة ولهذه ليلة، أو حسبما يتراضون، كأن يكون القسم أسبوعا أسبوعا أو شهرا شهرا.
والأصل أن القسم في الليل ، والنهار تابع له ، وقد يكون العكس لظروف عمل الرجل ونحو ذلك.
والمقرر عند الفقهاء أنه ليس للزوج أن يذهب إلى غير صاحبة النوبة في الليل إلا لضرورة ، ولا في النهار إلا لحاجة ، وليس له أن يطأ في الحالتين، فإن وطئ أثم.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وأما الدخول على ضرتها في زمنها :
فإن كان ليلا لم يجز إلا لضرورة , مثل أن تكون منزولاً بها (أي حضرها الموت) ، فيريد أن يحضرها ، أو توصي إليه ، أو ما لا بد منه ، فإن فعل ذلك ، ولم يلبث أن خرج ، لم يقض . وإن أقام وبرئت المرأة المريضة ، قضى للأخرى من ليلتها بقدر ما أقام عندها .
وإن خرج لحاجة غير ضرورية : أثم ، والحكم في القضاء ، كما لو دخل لضرورة , لأنه لا فائدة في قضاء اليسير .
وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها ، فيجوز للحاجة ، من دفع النفقة ، أو عيادة ، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته ، أو زيارتها لبعد عهده بها ، ونحو ذلك ؛ لما روت عائشة ، قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علي في يوم غيري ، فينال مني كل شيء إلا الجماع " وإذا دخل إليها لم يجامعها ، ولم يطل عندها ؛ لأن السكن يحصل بذلك ، وهي لا تستحقه .
فإن أطال المقام عندها ، قضاه ، وإن جامعها في الزمن اليسير، ففيه وجهان على ما ذكرنا. ومذهب الشافعي على نحو ما ذكرنا، إلا أنهم قالوا: لا يقضي إذا جامع في النهار ، ولنا، أنه زمن يقضيه إذا طال المقام ، فيقضيه إذا جامع فيه ، كالليل " انتهى من "المغني" (7/234) باختصار.
والأصل في ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا ، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا ، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا " رواه أبو داود (2135) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وبناء على ذلك: فليس للزوج أن يجامع الزوجة الثانية في ليلة الأخرى ولا في يومها .
والذي يظهر ، والله أعلم : أن ما ذكر في السؤال ، من ممارسة الجنس مع الزوجة الأخرى ، بالفيديو الظاهر أن ذلك في معنى الجماع المنهي عنه لغير صاحبة النوبة ، إذا أنزل بسببه ؛ لما يترتب عليه من فتور نشاطه عن حق صاحبة الليلة ، وقلة رغبته فيها ، فيفوت حقها بذلك العدوان على ليلتها .
ثم إن فعل ذلك في بيتها ، أو بمرأى منها : عدوان زائد؛ لما فيها من الأذى وإيغار الصدر.
ويجوز أن يستمتع بها بغير الجماع ، إذا لم يطل الزمن ، وكان في النهار لا في الليل ، لقول عائشة رضي الله عنها :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليّ في يوم غيري ، فينال مني كل شيء ، إلا الجماع " حسنه الألباني في "إرواء الغليل " (2023) .
فإن أطال الزمن قضاه لصاحبة النوبة.
وينبغي نصح زوجك بالعدل، وتحذيره من الظلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ رواه أبو داود (2133)، والنسائي (3881) وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.