لوحظ في بعض المحلات وضع مكان مخصص للزوار يمكنهم من وضع قفل حبهم وتعليقه في المكان المخصص له في المحل تشبها بما يفعله العشاق في الدول الغربية ، فما حكم ذلك ؟
حكم وضع أقفال الحب على المحلات والجسور
السؤال: 305177
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
“قفل الحب : هو قفل يثبته العشاق على جسر أو سياج أو بوابة أو ما شابه ذلك، كرمز لحبهما.
في العادة : تحفر أسماء الأحبة ، أو حروف اسمهما ، على القفل ، ويلقى بالمفتاح بعيدا ، ليرمز ذلك إلى الحب الأبدي.
منذ عقد ال2000، انتشرت أقفال الحب في عدد متزايد من المواقع حول العالم.
تعتبر السلطات البلدية أقفال الحب ، بشكل واسع : قمامة أو تخريبا، فإزالتها مكلفة.
إلا أن بعض السلطات تبنتها، ومنها ما تستخدم هذه الظاهرة في جمع التبرعات لمشاريع أو كمعالم سياحية”
انتهى من :
http://bit.ly/2JQ6Dmi
وينظر:
http://bit.ly/2NKvby8
ثانيا:
لا يجوز وضع هذه الأقفال لأمور:
الأول: ما فيه من التشبه الصريح بالكفار، والفساق، وأهل المجون والخلاعة ؛ فإن هذا السلوك المذموم لم يأت إلا منهم، وهو دال على التفاهة، والتعلق بالأوهام، مع ما فيه من الإفساد، لا سيما إذا ألقيت مفاتيح الأقفال في الماء، وأثقلت الأقفال الجسور، وقد نشر في بعض المواقع أنه يوضع على الجسور شهريا 700 ألف قفل!
والتشبه بالكفار محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في “صحيح سنن أبي داود”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وهذا الحديث : أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم ” انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم” (1/ 270).
الثاني: أنه إذا اعتقد واضع القفل أن هذا الوضع وإلقاء المفتاح في مكان مجهول، يعني دوام المحبة، فهذا يُلحق بالتمائم، وهي شرك؛ لأنه جعل ما ليس سبباً سببا؛ ومعلوم لأهل الدين والعقل أن هذا التصرف لا أثر له في بدء المحبة ولا دوامها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه ، فهو مشرك شركاً أصغر، لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً ، فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ، والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب ، إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل فيه شفاء للناس [النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس ، قال الله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر ، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض . ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً ، كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً ، فهذا سبب ظاهر بيّن .
وإنما قلنا هذا ، لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به ، وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان ، وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها ، فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه ، بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة ، مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع.
قوله: “لبس الحلقة والخيط”، الحلقة: من حديد أو ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك، والخيط معروف.
قوله: “ونحوهما”، كالمرصعات، وكمن يصنع شكلاً معيناً من نحاس أو غيره لدفع البلاء، أو يعلق على نفسه شيئاً من أجزاء الحيوانات، والناس كانوا يعلقون القرب البالية على السيارات ونحوها لدفع العين، حتى إذا رآها الشخص ، نفرت نفسه ، فلا يعين ” انتهى من “القول المفيد شرح كتاب التوحيد” (1/ 165).
الثالث: أن هذا فيه دعاية للحب والعشق والعلاقات المحرمة، وخروج الرجال مع النساء لوضع مثل هذه الأقفال، أو الإساءة لبعض الغافلات بكتابة أسمائهن، وهذا كله من إشاعة الفاحشة في المجتمع.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النور/19 .
فالواجب التحذير من هذه الظاهرة المحرمة، وإبلاغ السلطات لمنعها ، ومعاقبة المحل الذي يسمح بذلك.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب