يوجد شخص أطلق نيرانا من سلاح آلى على مجموعة من الأشخاص أثناء مشادة بين أحد أقاربه وطرف آخر جار له، وهذا الجار كان معه صديق له أثناء هذه المشاجرة، فأصيب بطلق نارى فمات، فما حكم الشرع بخصوص الدية ؟ هل هي دية قتل عمد أم دية قتل خطأ لوجود اختلاف فى هذا الأمر ؟
صوب سلاحه إلى جماعة، فقتل شخصا، فهل هو عمد أم خطأ ؟
السؤال: 319795
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
مسائل الخصومات يرجع فيها إلى القضاء، أو يحكّم فيها من أهل العلم من يتفق عليه الخصمان، ويكون حكمه ملزما لهما.
ولا بد أن يقف الحاكم على تفاصيل الحادث، ويسمع شهوده، ليقضي في النازلة: هل هي من قتل العمد، أو قتل الخطأ ؛ وهذا لا يتسنى في الفتوى التي تنبني على قول السائل.
ولكنا من باب الفائدة نقول:
سواء كان القتل عمدا أو خطأ، فإن الفارق بين ديتيهما ليس كثيرا.
لكن دية العمد تكون في مال القاتل، إلا أن تساعده عاقلته، وإن كانت من الإبل، كانت مغلظة، وأما دية الخطأ فمخففة مؤجلة في ثلاث سنين، وتكون على عاقلة القاتل.
قال السرخسي رحمه الله: ” وبالاتفاق: صفة التغليظ ليست من حيث العدد، بل من حيث السن…
ولا خلاف أن صفة التغليظ في الدية: لا تثبت إلا في أسنان الإبل ” انتهى من “المبسوط” (26 / 77).
وقال في “كشاف القناع” (6/ 19): “(فإن كان القتل عمدا أو شبه عمد: وجبت) الدية (مغلظة أرباعا: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة) رواه سعيد عن ابن مسعود ورواه الزهري عن السائب بن يزيد مرفوعا.
(وتجب) الدية (في قتل الخطأ مخففة أخماسا: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعا، ورواه الدارقطني وقال هذا حديث ثابت…
(ولا تغليظ في غير إبل) لعدم وروده (والتخفيف في الخطأ من ثلاثة أوجه: الضرب على العاقلة، والتأجيل ثلاث سنين)، كما يأتي في باب العاقلة (ووجوبها) أي الدية (مخمسة) كما سبق” انتهى.
وبنت المخاض: ما تمت لها سنة، ودخلت في الثانية.
وبنت اللبون: ما تمت لها سنتان، ودخلت في الثالثة.
الحِقَّة: من الإبل ما دخلت في السنة الرابعة.
الجذَعَة: وهي ما دخلت في السنة الخامسة.
ولهم أن يتصالحوا على غير هذا، ولو أكثر من مائة من الأبل.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ” الدية في الخطأ وفي العمد وشبه العمد: كلها مائة من الإبل، في حق المسلم مائة من الإبل، تختلف أنواعها…
لكن العمد فيه القصاص، وإذا اصطلحوا على شيء، ولو أكثر من مائة من الإبل، ولو على مليون: لا حرج في العمد ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
ثانيا:
الصورة المسئول عنها تحتمل أمرين:
1-أن القاتل قصد ضرب خصمه، فأصاب جاره، فهذا قتل خطأ عند الجمهور، خلافا للمالكية وبعض الحنابلة.
قال في “بدائع الصنائع” (7/ 234): ” وأما القتل الخطأ: فالخطأ قد يكون في نفس الفعل، وقد يكون في ظن الفاعل، أما الأول: فنحو أن يقصد صيدا فيصيب آدميا، وأن يقصد رجلا فيصيب غيره” انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: ” وإن قصد فعلا محرما، فقتل آدميا، مثل أن يقصد قتل بهيمة، أو آدميا معصوما، فيصيب غيره، فيقتله، فهو خطأ أيضا؛ لأنه لم يقصد قتله. وهذا مذهب الشافعي” انتهى من “المغني” (8/ 272).
وينظر: “حاشية قليوبي” (4/ 97).
وأما المالكية فيرون هذا عمدا.
قال في”مواهب الجليل” (6/ 240): ” ص (إن قصد ضربا)
ش: يعني قصد ضرب من لا يجوز له ضربه، وسواء قصد الشخص المضروب نفسه، أو قصد أن يضرب شخصا عدوانا، فأصاب غيره.
أما لو قصد ضرب من يحل له ضربه، فأصاب غيره: فهو خطأ…
(تنبيه) قوله إن قصد ضربا يريد على وجه الغضب، لا على وجه اللعب والأدب، قال في المقدمات: فإن قصد الضرب ولم يقصد القتل، وكان الضرب على وجه الغضب: فالمشهور عن مالك، المعروف من قوله: أن ذلك عمد، وفيه القصاص ” انتهى.
2- وتحتمل: أن القاتل قصد ضرب الجماعة التي أمامه، ضربا عشوائيا، لإصابة أي واحد منهم، فهذا عمد.
قال النووي رحمه الله : “في التتمة … لو رمى إلى شخصين، أو جماعة، وقصد إصابة أي واحد منهم كان، فأصاب واحدا، ففي القصاص وجهان؛ لأنه لم يقصد عينه.
قلت: الأرجح وجوبه. والله أعلم” انتهى من “روضة الطالبين” (9/ 254). وينظر: “حاشية الجمل على شرح المنهج” (5/ 4).
ولابد في هذه المسألة من مراجعة القضاء أو تحكيم محكَّم، كما قدمنا.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب