أثناء قيام فريق العمل خاصتنا بعمله في المصنع بإصلاح إحدى الماكينات حدث صوت غريب في الماكينة، فقام أحد موظفي الشركة (ص) باستدعاء مشغل الماكينة للتأكد من كون الصوت طبيعي أم لا، فجاء مشغل الماكينة لموقع العمل بناء على استدعاء أحد زملاءه فى الشركة ص، فقام فريق العمل الخاص بنا بتشغيل الماكينة لإعادة سماع الصوت، وأثناء عملية التجريب هذه وكان المشغل يتتبع صوت الماكينة انزلقت يده فدخلت داخل الأسطمبه، فانغلقت عليها، فتضرر، وأصيب إصابة بالغة في أربع أصابع، وأجرى عدة عمليات في أصابع يده اليسري، أهالي المصاب يطالبوننا بتعويض، فكيف لنا أن نحدد قيمة التعويض في ظل المتغيرات الآتية:
فهناك خطأ من جانبنا يتمثل فى: سماح مهندس المشروع بشركتنا للمشغل بالتعامل مع الماكينة، وكان يجب عليه منعه أو تحذيره، وهناك خطأ من جانب شركة الأدوية، حيث إنها المسئولة عن تنفيذ ومراقبة أنظمة الأمان فى موقع العمل، بل وتدريب العاملين فى الموقع على أنظمة الأمان، ومتابعة التزامهم بذلك، كذلك وجود مسئول فى موقع العمل للرقابة: وكل ذلك لم يحدث، الشخص المصاب المجنى عليه يتحمل نسبة من الخطأ، حيث إنه مشغل الماكينة، وأدرى الناس بها، كما إنه خالف النظام المتبع بدخوله للموقع فى هذا التوقيت، فليس من صلاحيات عمله ما قام به، من دخوله لمكان العمل، ووضع يده فى الماكينة وهى تعمل، حالة المصاب النهائية : أنه فقد أعصاب أربع أصابع من اليد اليسري، فالأصابع لم تبتر، لكن فقد التحكم فيها بنسبة كبيرة، حيث إنه لا يستطيع ثنيها كليا.
انزلقت يد العامل فأصيبت يده وتضررت فهل يضمن صاحب العمل؟
السؤال: 364466
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا انزلقت يد العامل، فأصيب، وكان بالغا عاقلا، فجنايته على نفسه، سواء كان ذلك في ساعة العمل أم لا، وفي مكان العمل أم خارجه، وسواء أمره آمر بالعمل، أم فعل ذلك من نفسه، ولا عبرة بما يذكر في بعض القوانين من تحمل صاحب العمل إصابة العمل مطلقا، فحيث لم يجن صاحب العمل عليه، ولا تسبب في ذلك كأن وضع شيئا أدى لانزلاق العامل، أو أجرى التيار الكهربائي مثلا دون علم العامل، فإذا لم يكن من صاحب العمل جناية لا بالمباشرة ولا بالتسبب، فإنه لا يضمن شيئا.
قال الشيخ عبد الله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رحمه الله في ملاحظاته على قانون العمل:
” التفريق بين ما إذا كان ناشئا عن أسباب أثناء العمل، أو كان غير ذلك، وهذا التفريق لا أصل له في الشريعة الإسلامية؛ بل هو تحكم بدون مستند، فإنه لا فرق بينهما إلا إذا كان ناشئا عن سبب من المؤجر، أو عن عدم إخباره بخطورته، مع علمه به، والعامل لا يعلم ذلك.
وأما إذا لم يقع من المؤجر أي سبب، فليس للعامل حق عليه، إذا كان العامل بالغا رشيدا، أو كان صبيا وقد أذن له وليه؛ وإذا كانت الإصابة نشأت عن سبب أحد، فالمتسبب هو الغارم، سواء كان المؤجر أو غيره” انتهى من “الدرر السنية” (16/281).
وقد نص الفقهاء على أن من استؤجر لحفر بئر، فوقعت عليه: أنه هدر، فلا ضمان على من استأجره.
قال النووي رحمه الله: ” وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِهَا، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ، فَمَاتَ: فَلَا ضَمَانَ” انتهى من “شرح مسلم” (11/226).
وقال في “نيل المآرب” (2/334): ” (أو أمَرَ) مكلفٌ أو غيرُ مكلَّفٍ (مكلَّفاً ينزلُ بئراً أو يصعدُ شجرةً ، فهلَكَ) بنزولِهِ أو صعود الشَّجَرَةِ : لم يضمنه، (أو تلف أجيرٌ لحفرِ بئرٍ، أو) أجيرٌ لـ (بناء حائطٍ، بهدمِ ونحوِ، أو أمكنه إنجاء نفسٍ من هَلَكَةٍ، فلم يفعل): لم يضمن، لأنه لم يفعل شيئاً يكون سبباً” انتهى.
وقال الشيخ عبد الله بن حميد أيضًا : ” نصت المادة (28) على أن العامل إذا مات، بإصابة لحقته أثناء العمل، دفعت لورثته المبالغ المدرجة في المادة (25)، وقد سبق أن بينا أن ذلك باطل شرعا، وأنه من التحاكم إلى الطاغوت، ولا يجوز مراعاة ما دلت عليه هذه المادة، لمخالفتها نصوص الكتاب والسنة” انتهى من “الدرر السنية” (16/293).
لكن إن أخطأ بعض الناس، وشغل الماكينة والعامل واضع يده، فأدى هذا التشغيل إلى ما حدث، فإن من أخطأ بالتشغيل هو من يتحمل هذه الجناية في ماله.
وما ذكرته من أن مهندس المشروع كان عليه أن يمنعه من التعامل مع الماكينة، أو أنه كان لابد من وجود مسئول الرقابة، كل ذلك غير مؤثر، فهو مكلف مختار تعامل مع الماكينة بإرادته، وإصابته جاءت من انزلاق يده، فلا يضمنها أحد، لا صاحب العمل ولا من استدعاه، ولا من كان في الموقع.
وإن رأى صاحب العمل أو رأى الموظفون أن يعطوه مالا باختيارهم، فهذا معروف وإحسان والله لا يضيع أجر المحسنين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب