ما صحة حديث: "إن النبي صلى الله عليه وسلم مر ليلة الإسراء على عجوز في الطريق فسأل جبريل عنها فقال: لم يبق من الدنيا إلا ما بقي من تلك العجوز"؟
هذا الخبر رواه الطبري في "التفسير" (14 / 422)، وفي "تهذيب الآثار – مسند ابن عباس" (1 / 410)، والبيهقي في "الدلائل" (2 / 361 - 362)، وغيرهما:
عن عَبْد اللهِ بْن وهبٍ، قال: حَدَّثَنِي يعقوبُ بنُ عبدِ الرحمنِ الزهريُّ، عن أبيهِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ هاشمِ بنِ عتبةَ بن أبي وقاصٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: " لَمَّا جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَأَنَّمَا صَرَّتْ أُذُنَيْهَا، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، فَواللهِ إِنْ رَكِبَكِ مِثْلُهُ، فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ تَانئٍ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ -قال أبو جعفرٍ: ينبغى أن تكونَ: تانئةٍ. ولكن أُسقِطَ منها التأنيثُ -فَقَالَ: مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَسَارَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسِيرَ ...
ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ الْعَجُوزِ ... ".
وهذا خبر في إسناده عبدِ الرحمنِ بنِ هاشمِ بنِ عتبةَ بن أبي وقاصٍ، مجهول الحال.
ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 59)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 90) ساكتين عن حاله، ولم يرد فيه إلا ذكر ابن حبان له في الثقات (4 / 297).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:
" … رواه الحافظ البيهقي في "دلائل النبوة"، من حديث ابن وهب. وفي بعض ألفاظه نكارة وغرابة " انتهى. "تفسير ابن كثير" (5 / 12).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" أخرجه ابن جرير، والبيهقي في "الدلائل" كما في "تفسير ابن كثير" وقال: "وفي بعض ألفاظه نكارة وغرابة".
قلت: وعلته عبد الرحمن بن هاشم هذا؛ فإني لم أجد من ترجمه… " انتهى. "الإسراء والمعراج" (ص41).
والخلاصة:
هذا الخبر ليس له إسناد صحيح، والروايات المشهورة الثابتة لحادثة الإسراء والمعراج التي أخرجها أصحاب الصحاح خالية من هذه الجملة.
والله أعلم