0 / 0
60,08205/04/2013

هل يجوز لعامة المسلمين أن يدعو بـ ” اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى “

السؤال: 187732

هل يحل للمسلمين العاديين مثلى أن يدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي قاله قرب وفاته : ( اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى ) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى البخاري (5674) – واللفظ له – ومسلم (2191) عن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَىَّ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى ) .

والمقصود بالرفيق الأعلى : مرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في أعلى جنات النعيم ، فإذا التحق العبد الصالح بالرفيق الأعلى ذهب إلى درجته ، فيكون النبي مع النبيين والصديق مع الصديقين والصالح مع الصالحين .

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ” كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، قَالَتْ : فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) قَالَتْ : فَظَنَنْتُهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ ” .
رواه البخاري (4435) ومسلم (2444)

قال ابن عبد البر رحمه الله :
” وأما قوله : ( وألحقني بالرفيق الأعلى ) فمأخوذ عندهم من قول الله عز وجل : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ” انتهى من “الاستذكار” (3 /85) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
” وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ( اللهم في الرفيق الأعلى ) ثلاثا ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (2 /353) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” وقد وقع لي من طريق أحمد بن حرب عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه بزيادة بعد قوله ” الذي قبض فيه أصابته بحة ” : فجعلت أسمعه يقول : ( في الرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ) الآية ” .
انتهى من “فتح الباري” (8 /137) .
وعلى ذلك : فالأصل أنه لا حرج من سؤال العبد ربه أن يلحقه بالرفيق الأعلى إذا مات ، وأن يبلغه منازل الصالحين ، وليس ذلك من خصائص النبيين .
وعن زيد بن أسلم قال : ” أُغْمِيَ عَلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: ” أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصْلُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)النساء/ 69 ” .
رواه ابن أبي الدنيا في “كتاب المحتضرين” (ص 358) بإسناد صحيح .

وقال علماء اللجنة الدائمة :
” إن الله حرم أجساد الأنبياء والرسل على الأرض أن تأكلها ، فهي باقية كما هي ، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية الله أعلم بكيفيتها ، وليست كحياتهم في الدنيا ، وأرواحهم في الجنة ، وهكذا أرواح المؤمنين ، وروح نبينا محمد في الرفيق الأعلى في الجنة ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (2 /443) .
ثانيا :
لا يُدعى بهذا الدعاء إلا في حالتين :
أولا : عند تحقق نزول الموت وعَلم العبد أنه في الاحتضار فلا بأس حينئذ أن يدعو بهذا الدعاء ، فروى البخاري (5673) ومسلم (2682) – واللفظ له – عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
” وَمَفْهُومه أَنَّهُ إِذَا حَلَّ بِهِ لَا يَمْنَع مِنْ تَمَنِّيه ، رِضًا بِلِقَاءِ اللَّه ، وَلَا مِنْ طَلَبه مِنْ اللَّه لِذَلِكَ ؛ وَهُوَ كَذَلِكَ , وَلِهَذِهِ النُّكْتَة عَقَّبَ الْبُخَارِيّ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِحَدِيثِ عَائِشَة ” اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى ” إِشَارَة إِلَى أَنَّ النَّهْي مُخْتَصّ بِالْحَالَةِ الَّتِي قَبْل نُزُول الْمَوْت ” انتهى .
ثانيا : أن يكون مراده بذلك : أنه متى حل بي الموت ، فاجعلني في الرفيق الأعلى ؛ وقد كان من دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام : رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشعراء/ 83] .
قال ابن كثير :
” أي: اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار: ( اللهم الرفيق الأعلى ) قالها ثلاثا ” .
انتهى من “تفسير ابن كثير” (6 /147) .
وعلى العبد إذا سأل هذه المسألة أن يجتهد في العمل الصالح حتى يوفقه الله للالتحاق بالرفيق الأعلى إذا قبضه ؛ فإن الله تعالى قد اشترط لذلك المقام العلي : أن يلزم العبد نفسه طاعة الله ورسوله ؛ كما قال تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) النساء/69-70 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” أي: كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير، ( فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (1/185) .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (45841) ، ورقم : (46592) ، ورقم : (145721) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android