ما هو حكم إطلاق اسم : القُرعان على القرآن الكريم ؟
يطلق بعض الجزائريين اسم القُرعان (بإبدال الهمزة عينا) على القرآن الكريم ، نسمعها من بعض العامة: من كبار السن عموما ، مع أن من سمعته يقول بذلك يستطيع نطق الهمزة .
فما حكم ذلك؟
هل يجوز إطلاق لفظ ” القُرعان ” على ” القُرآن ” ؟
السؤال: 207469
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إبدال الهمزة عَينا : لهجة لغوية قديمة تعرف بالعَنْعَنَة ، وتنسب لقبيلة تميم ، فيقولون “عَنْت” بدلا من “أنت” و”عنّك” بدلا من “أنّك” ، و”عرنب” بدلا من “أرنب” و”قُرعان” بدلا من “قرآن” ؛ وذلك لقرب المخرج .
قال الشاعر :
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ** ألا يجاورنا إلاك ديار
قرئ بالإبدال ، هكذا :
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ** علّا يجاورنا إلاك ديار
وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ:
فَمَا أُبْنَ حَتَّى قُلْنَ يَا ليْتَ عَنَّنا ** تُرابٌ، وعَنَّ الأَرضَ بالناسِ تُخْسَفُ
قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ قُرَيْشٍ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ أَنَّ ، وتميمٌ وقَيْس وأَسَدٌ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ يَجْعَلُونَ أَلف أَن إِذا كَانَتْ مَفْتُوحَةً عَيْنًا ، يَقُولُونَ: أَشهد عَنَّك رَسُولُ اللَّهِ ، فإِذا كَسَرُوا رَجَعُوا إِلى الأَلف ؛ وَفِي حَدِيثِ قَيْلةَ: ” تَحْسَبُ عَنِّي نَائِمَةٌ ” أَي تَحْسَبُ أَني نَائِمَةٌ ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
حُصَين بْنِ مُشَمِّت: ” أَخبرنا فُلَانٌ عَنَّ فُلَانًا حَدَّثه ” أَي أَن فُلَانًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنَّهم يفعلون لبَحَحٍ فِي أَصواتهم ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لأَنَّكَ ولعَنَّك، تَقُولُ ذَاكَ بِمَعْنَى لَعَلَّك. قال ابْنُ الأَعرابي: لعنَّكَ لِبَنِي تَمِيمٍ .
“لسان العرب” (13/ 295) .
ويقول رحمه الله :
” فِي إبدالِ الهمزةِ من الْعين : قد جاءَ ذلكَ فِي بعضِ الِاسْتِعْمَال ، فالوجهُ فِيهِ أنَّ الهمزةَ والعينَ متجاورتان فِي المخْرَج ، فَمن ذَلِك قَوْلهم فِي عُباب أُباب ، ويجوزُ أنْ تكونَ الهمزةُ أصلا من قَوْلهم أبَّ للشَّيْء إِذا تهيّأ لَهُ وعُبَاب الْبَحْر مُعْظَمه ، وَمعنى التهيؤ موجودٌ فِيهِ . وَقَالُوا عُفُرَّة الْحَرِّ وأُفُرَّتُه ، والهمزةُ بدلٌ من الْعين ، ويجوزُ أنْ تكون أصلا من قَوْلهم : أفِر يأفِر أفْراً ، وأصلُ الْكَلِمَة من الشدِّة ، والمعنيان يَجْتَمِعَانِ فِيهَا ، ويُؤْنِّس بإبدال العينِ همزَة إبدالُ الهمزةِ عَيْناً فِي مثلِ قولِ الشَّاعر :
أَعَنْ ترسَّمْت مِنْ خَرْقاءَ مَنْزِلةً ** ماءُ الصِّبابَةِ من عَيْنَيْكَ مَسْجُومُ
والوجْهُ فِيهِ : أنَّ العينَ تَقْرُب من مخرج الهمزةِ ، وَهِي أبْيَنُ من الْهمزَة ففرّوا إِلَيْهَا خُصوصاً عِنْد اجتماعِ الهمزتين ” انتهى .
وينظر :
– “توضيح المقاصد بشرح ألفية ابن مالك” (1/ 359) لبدر الدين المرادي – تحقيق د. عبد الرحمن علي سليمان .
– “اللباب في علل البناء والإعراب” ، لمحب الدين العكبري (2/ 300) .
فإبدال الهمزة عينا معروف في لهجات العرب ، وعليه : فإطلاق ” القُرعان ” على ” القُرآن ” بهذا الاعتبار لا حرج فيه عند من يتكلم بهذه اللهجة ، خاصة في حال كبار السن ، الذين يشق عليهم تغيير ما اعتادوه من النطق ، فلا ينبغي التشدد معهم في مثل ذلك ، لأنه من الصعوبة بمكان نقلهم عن لفظ اعتادوه ، حتى ولو كان بإمكانهم نطق الهمزة في جملة الكلام ، فذلك لا يعني أنهم يسهل عليهم اعتيادها في كلمات محددة ، نطقوها بغير ذلك .
نعم ، إذا أمكن الاقتصار على لفظ ” القرآن ” ، دون هذا الإبدال : فهو أولى وأحرى ؛ لمنع اللبس في الكلام ، أو إشكال اللفظ على السامع ، أو وقوع الخلاف بين الناس ، والحرج في قلوب السامعين .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (176046) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة