0 / 0

إطلاق كلمة “قرآن النحو” على كتاب سيبويه

السؤال: 302392

ما حكم تسمية كتاب سيبويه في النحو بقرآن النحو؟ وهل يوجد في ذلك محذور؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي يظهر أنه لا حرج في إطلاق لفظ ” القرآن ” أو ” المصحف ” على غير كتاب الله تعالى، إذا كان ذلك من باب المجاز، والكناية عن بلوغ الكتاب، أو صاحبه: الغاية التي يدركها الناس ، في الإتقان والإحكام، وكان في الكلام من القرائن ما يدفع اللبس، ويوضح المراد.

وقد استخدم العلماء ذلك في مقامين:

الأول: في وصف بعض الرواة بكلمة ” المصحف ” لإتقانهم وضبطهم وحفظهم .

قال السخاوي في ” فتح المغيث ” (2/ 116)، في مراتب تعديل الرواة: ” ومن صيغ هذه المرتبة: كأنه مصحف “، انتهى .

ونقل الذهبي في ” السير ” (7/ 166) قول شعبة بن الحجاج: ” كنا نسمي مسعرا: المصحف – يعني من إتقانه – “، انتهى .

الثاني: في وصف بعض الكتب، ومنها: سنن أبي داود، وكتاب سيبويه .

قال محمد بن مخلد: ” كان أبو داود يفي بمذاكرة مائة ألف حديث، ولما صنف كتاب (السنن) ، وقرأه على الناس، صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا يخالفونه، وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه “، انتهى من ” سير أعلام النبلاء “: (13/ 212).

وأما كتاب سيبويه ، فقد اشتهر وصفه بذلك على ألسن العلماء .

قال الإمام كمال الدين، أبو العباس الشريشي، رحمه الله:

” ثم أخذ عن الخليل جماعة ، لم يكن فيهم مثل عمرو بن قنبر سيبويه، ويُكنى أبا بشر، وأبا الحسن، وهو من موالي بني الحارث بن كعب؛ فألف كتابه الذي سماه [ الناس] (قرآن النحو)، وعقد أبوابه بلفظه ولفظ الخليل.” انتهى، من “شرح مقامات الحريري” (3/462).

وقال الإمام أثير الدين أبو حيان:

أتى سيبويه ناشراً لعلومه  *  فلولاه أضحى النحوُ عُطْلاً شواهده

وأبدى كتاباً كان فخراً وجوده  *   لقحطانَ، إذ كعبُ بن عمرو محاتِده

وجمَّع فيه ما تفرق في الورى *  فطارِفُه يُعزى إليه وتالده

بعمرو بن عثمان بن قنبرٍ الرضا * أطاعت عواصيه وثابت شوارده

عليك قرانَ النحو، نحوَ ابن قنبر * فآياته مشهودة ، وشواهده

كتابَ أبي بشر، فلا تك قارياً * سواه ، فكلٌ ذاهب الحسن، فاقده

انظر: “الإحاطة في أخبار غرناطة” (3/36).

وقال البغدادي في ” خزانة الأدب ” (1/ 371): ” وقال المازني: من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه، فليستحي مما أقدم عليه .

وقال أيضًا: ما أخلو في كل زمن من أعجوبة في كتاب سيبويه، ولهذا سماه الناس: قرآن النحو ” انتهى .

وقال د. الطناحي: ” وسيبويه إمام النحاة، وكتابه العظيم: قرآن النحو، لا يخلو كتاب نحويّ من الأخذ عنه والنقل منه “، “مقدمة تحقيق أمالي ابن الشجري” (113).

وقال د. شوقي ضيف: إِنَّ ” الكتاب يُعَدُّ آية خارقة من آيات العقل العربي؛ حتى سمَّاه بعضهم (قرآن النحو)، وقال:  ” كتاب سيبويه لا يُعَلِّمُ العربِيَّة وقواعدها فحسب، بل يُعَلِّم أيضا أساليبها ودقائقها التعبيرية “، انتهى . انظر: ” العصر العباسي ” (123)، ” المدارس النحوية ” (77).

ومع ذلك ، فالأولى ترك ذلك ، وتسمية كل شيء باسمه، وترك التزيُّد في المبالغة في المدح والذم، وحفظ مقام كتاب الله ، من أن يتجرأ كل من استحسن شيئا، أو قدمه: شبهه به، أو جعله له عدلا في قوله وعبارته.

ومثل هذه الإطلاقات : إنما تسوغ لأهل العلم ، يعرفون مقاديرها ، ومواضع الحقيقة والمجاز فيها .

وأما العامة : فيصان مقام كتاب الله ، القرآن الكريم ، في قلوبهم ، عن أن يشبه به غيره ، أو يكون له سَمِيٌّ، أو نظير.

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android